تعزيز التعاون الصيني-العربي في الابتكار واستكشاف الفرص الكامنة في تجارة الخدمات

من 10 إلى 14 سبتمبر، سيعقد في بكين معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات 2025 هذا العام تحت شعار “القيادة بالذكاء الرقمي، وتجديد تجارة الخدمات”وسيشارك في المعرض أكثر من 70 دولة ومنظمة دولية، ونحو 2000 شركة، من بينها شركات مدرجة ضمن قائمة فورتشن 500 ورواد الصناعات العالمية، تغطي 27 دولة ومنطقة من بين أكبر 30 دولة في تجارة الخدمات.
ومن المقرر أن يشارك في المعرض عارضون ومؤسسات من عدة دول عربية، منها المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الأردن، مصر وتونس.
يمثل الابتكار في المنتجات الرقمية والذكية أبرز محاور هذه الدورة، إذ ستكشف أكثر من مئة شركة عن ما يزيد على 190 منتجاً وإنجازاً جديداً، من بينها: أول دعامة وعائية بوليمرية مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد قابلة للامتصاص ومقاومة للإجهاد في العالم، وأول منصة توزيع ميداني فائق الدقة بدرجة 8K، وأول حاسوب ضوئي-كمي احترافي محلي يتجاوز مستوى الألف كيو-بت.
تُعد الخدمات وتجارة الخدمات حالياً محور الانفتاح الصيني على مستوى عالٍ، ومنذ تأسيس المعرض، استقطب مشاركين وزواراً من 196 دولة ومنطقة، تجاوز عددهم 600 ألف، مما يجعله منصة مهمة للصين من أجل توسيع الانفتاح وتعميق التعاون وقيادة الابتكار.
وبفضل دفع قمة الصين-العالم العربي ومبادرة “الحزام والطريق”، شهدت تجارة الخدمات بين الجانبين نمواً مطرداً وتوسعاً مستمراً في مجالات التعاون. فمنذ عام 2015، حافظ التعاون في مجال تجارة الخدمات بين الصين والدول العربية على وتيرة نمو مستقرة، حيث تجاوز إجمالي تجارة الخدمات الثنائية في عام 2020 مبلغ 11 مليار دولار أمريكي. وتتصدر المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، قطر، مصر، العراق والجزائر قائمة الدول العربية من حيث حجم تجارة الخدمات الثنائية مع الصين.
من منظور هيكل التجارة، تشمل تجارة الخدمات بين الصين والدول العربية مجالات متعددة مثل النقل، البناء، التمويل، الاتصالات، الحاسوب وخدمات المعلومات. وخاصة بعد أن طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ في القمة الصينية-العربية الأولى عام 2022 مبادرة “العمل الثماني لبناء مجتمع صيني-عربي ذي مصير مشترك”، لم يقتصر التعاون بين الجانبين على مجالات تقليدية مثل السياحة والنقل الجوي، بل تعمّق أيضاً في هذه المجالات.
كما برزت آفاق واسعة للتعاون في مجالات التكنولوجيا الفائقة مثل الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وكذلك في أنماط جديدة من تجارة الخدمات مثل التجارة الإلكترونية العابرة للحدود.
وتُعد الأقمار الصناعية الفضائية إحدى نقاط الاختراق الرئيسية في التعاون الصيني-العربي في المجالات التكنولوجية الثلاثة المتقدمة، حيث حقق التعاون بين الجانبين في هذا المجال تطوراً ملحوظاً. ففي السنوات الأخيرة، أجرت الصين مع المملكة العربية السعودية، تونس، العراق وغيرها من الدول تعاوناً متنوع الأشكال شمل تطبيقات تقنية، تبادل تدريبي، مشاركة البيانات، بحثاً وتطويراً مشتركاً، بناء أنظمة وتعزيزا للتطبيقات، وذلك في مجالات متعددة منها الملاحة بنظام “بيدو”، استكشاف الفضاء العميق، والتقنيات الفضائية.
وفي عام 2018، أطلقت الصين قمرين صناعيين للاستشعار عن بُعد سعودي سات 5أ وسعودي سات 5ب لصالح المملكة العربية السعودية، وهما أكبر قمرين صناعيين محلييّ الصنع للاستشعار عن بعد مخصصين لمراقبة الأرض. وقد أسس ذلك قاعدة جيدة لتوسيع التعاون بين الصين والسعودية في مجال تكنولوجيا وتطبيقات الفضاء.
في السنوات الأخيرة، وبفضل الدفع من التكنولوجيا الرقمية وارتفاع الطلب على الخدمات اللوجستية التجارية، شهد نموذج “التجارة الإلكترونية العابرة للحدود + المستودعات الخارجية” في تجارة الخدمات بين الصين والدول العربية نمواً سريعاً.
فعلى سبيل المثال، دخلت منصة التجارة الإلكترونية العابرة للحدود SHEIN إلى الأسواق العربية في عام 2016، وأنشأت مستودعات تحويل خارجية في السعودية ودبي. كما دخلت شركة غوانغتشو دورا للتكنولوجيا المحدودة إلى الأسواق العربية في عام 2019، حيث أسست منصة التجارة الإلكترونية Fordeal، وأقامت مركزاً لوجستياً في الرياض بالمملكة العربية السعودية، تزيد مساحته على 60 ألف متر مربع. وقد أصبحت كل من SHEIN و Fordeal في الوقت الراهن من أبرز منصات التجارة الإلكترونية العابرة للحدود في منطقة الشرق الأوسط.
ويُعد معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات منصة مهمة لربط مبادرة “الحزام والطريق” باستراتيجيات التحول والتنمية في الدول العربية، كما يمثل منفذاً رئيسياً لتعميق التعاون القائم على المنفعة المتبادلة والفوز المشترك بين الجانبين. وأمام تسارع وتيرة تطور تجارة الخدمات عالمياً، تحتاج الصين والدول العربية إلى الاستفادة من المنصات متعددة الأطراف مثل معرض تجارة الخدمات، من أجل تحسين هيكل تجارة الخدمات، وتعزيز آليات التعاون، وتوسيع نطاق التعاون والاستثمار في المجالات الناشئة، ودفع التحول والارتقاء في التعاون بمجال البنية التحتية، فضلاً عن تعزيز التنسيق والتواصل في السياسات الثنائية، بما يسهم في دفع التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني-العربي نحو نمو مستدام عالي الجودة.
بقلم: باي يوي إعلامي صيني