تعزيز التطوير المشترك لصناعة الرياضات الإلكترونية بين الصين والسعودية
في عام 2023، ومع الظهور المتزايد للعديد من البطولات الدولية في مجال الرياضات الإلكترونية، أصبحت الرياضات الإلكترونية العابرة للحدود اتجاهًا عالميًا جديدًا. وفي هذا السياق، تعمقت أواصر الصداقة والتبادل بين الصين والمملكة العربية السعودية، وشهدت التبادلات في مجال الرياضات الإلكترونية بين البلدين تطورًا مستمرًا.
وفي عام 2024، ساعدت الصين المملكة العربية السعودية في تنظيم بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية بنجاح، والتي تقام فعاليات النسخة الثانية من هذه البطولة كما هو مقرر لها في الفترة من 7 يوليو إلى 24 أغسطس من هذا العام.
تسعى المملكة العربية السعودية باهتمام إلى استكشاف مسارها الخاص لتطوير صناعة الرياضات الإلكترونية. وفي إطار “رؤية 2030″، أطلقت السعودية الاستراتيجية الوطنية لتنمية الرياضات الإلكترونية، والتي تهدف إلى جعل المملكة مركزًا عالميًا لصناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية بحلول عام 2030.
وتتضمن هذه الاستراتيجية أربعة أهداف رئيسية: تأسيس 250 شركة متخصصة في الألعاب، وتطوير 30 لعبة من بين أفضل 300 لعبة على مستوى العالم بحلول عام 2031، وجعل المملكة من بين الدول الثلاث الأولى عالميًا من حيث عدد اللاعبين في الرياضات الإلكترونية بالنسبة لعدد السكان، واستضافة أكبر وأوسع البطولات العالمية في هذا المجال من حيث الحجم وعدد المشاهدات.
ولتعزيز تنمية صناعة الرياضات الإلكترونية، تتطلع المملكة العربية السعودية إلى التعاون مع شركاء عالميين، بما في ذلك الصين، من أجل التطوير المشترك لهذه الصناعة.
وصرّح الأمير فيصل بن بندر، رئيس الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، بأنه سيدعم خطط التبادل والتعاون بين السعودية والصين في مجال صناعة الرياضات الإلكترونية، معربًا عن أمله في أن يسهم هذا التعاون في إثراء التجربة العالمية في هذا القطاع، ويقدم نموذجًا يُحتذى به في التبادلات الدولية، ويبرز دور الرياضات الإلكترونية في الربط بين الشعوب، ويضفي حيوية جديدة على هذه الصناعة.
في إطار تخطيط المملكة العربية السعودية لتطوير قطاع الرياضات الإلكترونية، تلعب الشركات الصينية والألعاب الإلكترونية الصينية دورًا متزايد الأهمية.
ففي السنوات الأخيرة، أقامت شركة “هيروز إي سبورتس” الصينية تعاونًا وثيقًا مع الجانب السعودي في مجال الرياضات الإلكترونية، شمل ذلك تنظيم النسخة الأولى من كأس العالم للرياضات الإلكترونية لعام 2024 بشكل مشترك.
ومن ناحية خدمات القطاع، تعمل شركات الرياضات الإلكترونية الصينية مثل “هيروز سبورتس” و”شون وانغ تكنولوجي” على تسريع عملية تدويل منتجاتها التكنولوجية في السعودية، مستفيدة من مزاياها في المنتجات والتقنيات.
وتشمل هذه الجهود تقديم خدمات التسويق الرقمي للشركات المصنعة في القطاع الأعلى، وتوفير حلول رقمية وذكية لكيانات خدمات الرياضات الإلكترونية في القطاع الأوسط، بالإضافة إلى تقديم خدمات تسويق الألعاب الإلكترونية للمستخدمين في القطاع الأدنى.
أما في مجال الألعاب، فقد تم إدراج اللعبة الصينية “أونر أوف كينغز” مرة أخرى ضمن الألعاب المشاركة في نسخة هذا العام من كأس العالم للرياضات الإلكترونية. وتُعد شركة “تينسنت” الصينية، المنتجة لهذه اللعبة، شريكًا طويل الأمد للاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية.
إضافة إلى ذلك، تسعى الصين والسعودية إلى بناء منظومة بيئية عالمية مشتركة للرياضات الإلكترونية. ووفقًا لتقرير الرياضات الإلكترونية الصيني لعام 2023، بلغ عدد مستخدمي الرياضات الإلكترونية في الصين 500 مليون مستخدم، بينما وصلت قيمة السوق إلى 23.8 مليار دولار أمريكي، مما يعكس التوسع المستمر في تأثير وقوة السوق الصينية.
وقد صرّح الأمير فيصل بن بندر بأنه يأمل في التعاون مع الشركات الصينية لربط سوق الألعاب والرياضات الإلكترونية على مستوى العالم، وتحويل المملكة العربية السعودية إلى مركز عالمي لهذه الصناعة، لا سيما من خلال الاستثمارات الطويلة الأجل وتوزيع الموارد المالية، لبناء منظومة رياضات إلكترونية عالمية مستدامة ومربحة.
كما أشار إلى إمكانية التعاون بين الجانبين في مجالات مثل تدريب اللاعبين والمدربين والمعلقين، من أجل رفع مستوى صناعة الرياضات الإلكترونية بشكل شامل.
علاوة على ذلك، فإن التكامل المتنامي في مجال الثقافة والسياحة بين الصين والسعودية يساهم أيضًا في دفع مسيرة تطوير قطاع الرياضات الإلكترونية. ومؤخرًا، تم إطلاق مهرجان الصين والسعودية للرياضات الإلكترونية والثقافة والسياحة في العاصمة الصينية بكين، كجزء من فعاليات “عام الثقافة الصينية السعودية”.
ويهدف هذا الحدث إلى تعزيز التعاون بين مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية وشركائها الاستراتيجيين في الصين. وستتعاون شركة “تينسنت” مع الهيئة السعودية للسياحة لتوفير باقات سياحية شاملة مخصصة لعشاق الرياضات الإلكترونية في مختلف أنحاء الصين، وتشمل هذه الباقات تذاكر المباريات، وتذاكر السفر الجوي، وعروضًا للإقامة، وتجارب مميزة في مواقع إقامة المنافسات.
لقد أصبحت ألعاب الرياضات الإلكترونية فعاليات عامة ذات طابع دولي، كما تسهم في رفع مستوى الوعي العالمي بهذه الرياضات.
وفي المستقبل، فإن الألعاب التي طورتها الشركات الصينية، واللاعبين المحترفين المنتمين للأندية الإلكترونية الصينية، والنظام البيئي المصاحب للرياضات الإلكترونية بما يشمل نظام الدعم الجماهيري والنظام الاقتصادي ونظام الرعاية، جميعها وبعد أن يتم تكييفها وتوطينها، يمكن أن تندمج بشكل فعال في صناعة الرياضات الإلكترونية في المملكة العربية السعودية. ومن خلال الاستفادة من القوة التمويلية السعودية ومنصات مثل الأولمبياد، سيشهد قطاع الرياضات الإلكترونية لدى الجانبين موجة جديدة من التطور والنمو.
بقلم: باي يوي
