تعاون صيني سعودي لدفع التنمية الخضراء

بقلم: باي يوي وجيه
يوافق الخامس من يونيو من كل عام “اليوم العالمي للبيئة”، الذي أقرته الأمم المتحدة بهدف حث المجتمع على اتخاذ خطوات ملموسة لمواجهة التحديات البيئية الملحة. ويركز موضوع هذا العام على “معالجة النفايات البلاستيكية”
وخلال السنوات الأخيرة، كثّفت الصين والمملكة العربية السعودية جهودهما المشتركة لبناء “طريق الحرير الأخضر”، حيث أطلق الجانبان مسارًا للتحول في مجال الطاقة. وتحظى شركات الطاقة المتجددة الصينية باهتمام متزايد من الجانب السعودي، ومع تعمق التعاون بين الطرفين، باتت الشركات الصينية تضخ قوى متجددة تسهم بفاعلية في دعم تحول الطاقة داخل المملكة.
يقول محمد صادق، الباحث في مركز البحوث وتبادل المعرفة في المملكة العربية السعودية، إن الصين تمضي قدمًا في تحقيق هدفي “ذروة الكربون والحياد الكربوني”، وقد حققت تقدمًا عالميًا في تطوير تقنيات الطاقة النظيفة، لا سيما الطاقة الشمسية. وأوضح أن العديد من مشاريع الطاقة النظيفة المشتركة بين الصين والدول العربية قد رأت النور، ما يرسخ دور الصين في جعل الطاقة النظيفة أكثر توافرًا، ويسرع من وتيرة التحول الطاقي عالميًا.
ويعود التعاون في مجال الطاقة بين الصين والسعودية إلى سنوات طويلة، فيما تبدو آفاقه المستقبلية واعدة أكثر من أي وقت مضى. ففي عام 2022، أصدرت الدولتان بيانًا مشتركًا أعربتا فيه عن عزمهما على تعميق التعاون في مجالات متعددة، من بينها الكهرباء، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى، وتطوير المشاريع المرتبطة بها، إضافة إلى الاستخدام المبتكر للهيدروكربونات، ورفع كفاءة الطاقة، وتوطين المنتجات الطاقوية وسلاسل الإمداد ذات الصلة.
وفي يوليو من العام الماضي، أعلن كل من صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF)، وشركة Vision Industries السعودية، عن تأسيس شركات مشتركة في مجال الطاقة الجديدة بالتعاون مع مجموعة “إنفيجن” الصينية، وشركة “جينكو سولار”، وشركة “TCL Zhonghuan”، وذلك بهدف إنشاء وتشغيل مشاريع لتصنيع معدات طاقة الرياح والطاقة الشمسية في المملكة، بما يسهم في تسريع وتيرة التحول نحو الطاقة المتجددة.
وفي إطار المشاريع العالية التقنية بين الجانبين، يجري تنفيذ مشروع مشترك لتأسيس قاعدة صناعية سعودية متخصصة في إنتاج المواد البلاستيكية المعدّلة والمنتجات الإلكترونية البصرية، ويعتمد المشروع على استثمار موارد السعودية الغنية من المنتجات البتروكيميائية لتلبية احتياجات قطاعات حيوية مثل الطيران وصناعة السيارات. وتبلغ قيمة الاستثمارات في هذا المشروع نحو 892 مليون دولار، ومن المتوقع أن يصل حجم إنتاجه السنوي إلى حوالي 2.209 مليار دولار، وأن يوفر ما يقرب من 10 آلاف فرصة عمل.
وتغطي الصحارى نحو 40% من مساحة أراضي المملكة، وفي هذا السياق، تتعاون شركة “ديوي إير الثانية لتقنيات الفضاء” (مقرها هانغتشو) مع المركز الوطني السعودي لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، للاستفادة من البيانات المتعددة المصادر التي توفرها الأقمار الصناعية، إلى جانب استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، دعمًا لمبادرة “السعودية الخضراء”.
كما استكشفت الصين والسعودية آفاق التعاون المالي الأخضر من خلال إصدار سندات خضراء. فقد قام كل من بنك التعمير الصيني وبنك الصين بإدراج سندات “الباندا الخضراء” في بورصة دبي، لاستخدامها في تمويل مشاريع خضراء مؤهلة ضمن دول مبادرة “الحزام والطريق”، ومن بينها السعودية والإمارات. وفي خطوة نوعية أخرى، وقّعت الصين مع المملكة اتفاقية تبادل عملات ثنائية تشمل التجارة النفطية، ما يمثل تقدمًا ملموسًا نحو اعتماد اليوان الصيني في تسوية تجارة النفط والغاز عبر الحدود.
وخلال الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة لإقامة “خمسة أطر” للتعاون مع الدول العربية، مؤكدًا على “تعزيز التنمية الخضراء” كمحرّك رئيسي للابتكار، وقد لقيت هذه المبادرة ترحيبًا واسعًا من الدول العربية.
وفي ظل هذا الزخم المشترك، تواصل الصين والسعودية دفع عجلة التنمية الخضراء قدمًا، بما يعزز التعاون الثنائي في قطاع الطاقة نحو مزيد من الابتكار والاستدامة، ويحقق مصالح متبادلة لشعبي البلدين.