أخبار عامةاقتصاد

تركيا وسوريا.. توقعات بطفرة جديدة في التجارة والاستثمار

عززت الليرة السورية من مكاسبها بشكل ملحوظ أمام الدولار الأميركي، مستمرة في التحسن في سعر صرفها مقابل سلة العملات الأجنبية الرئيسية بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.

وقد ارتفعت قيمة الليرة إلى مستويات تتراوح بين 12500 و13000 ليرة مقابل الدولار الواحد يوم أمس الإثنين، مع توقعات باستمرار هذا التحسن في الفترة المقبلة. ويأتي هذا التغير بعد أقل من شهر على انتهاء حقبة النظام السابق، حيث وصل سعر الدولار قبل أيام من سقوطه إلى 28000 ليرة، بينما شهدت مدينة حلب شمال سوريا ارتفاعاً في سعر الدولار إلى 40000 ليرة عند سقوط المدينة، ليعود السعر للانخفاض بعد الاستقرار السياسي الذي شهدته البلاد خلال الأسبوعين الماضيين.

في الوقت نفسه، تشهد الأسواق التجارية حركة نشطة من البيع والشراء لم تشهدها منذ بداية الصراع المسلح قبل عشر سنوات، حيث أدت الحرب إلى جمود اقتصادي وتراجع في الإنتاج الزراعي والصناعي، بالإضافة إلى شبه انعدام في الاستثمار. وقد تدفقت السلع والمنتجات التركية من مناطق الشمال السوري إلى بقية المدن، وصولاً إلى العاصمة دمشق. في المقابل، تشهد مناطق مثل مدينة سرمدا، التي تُعتبر المركز التجاري لمدينة إدلب، حركة نشطة بفضل قربها من معبر باب الهوى الفاصل بين سوريا وتركيا.

في هذه الأثناء، شهدت العملة تحسناً ملحوظاً تزامن مع انخفاض طفيف في أسعار المنتجات والبضائع. ويعزو المراقبون هذا التغير إلى تدفق العملات الأجنبية، بما في ذلك الدولار، من دول الجوار، وخاصة تركيا، أو من المناطق التي كانت تحت سيطرة القوات المعارضة في إدلب، والتي أصبحت اليوم تهيمن على المشهدين السياسي والاقتصادي بعد استلامها السلطة من خلال ما يُعرف بإدارة العمليات العسكرية.

تعتبر المحروقات من أولى المواد التي شهدت انخفاضاً في أسعارها منذ شهر، على الرغم من أن تسعير المشتقات النفطية يتم بالدولار، حيث بلغ سعر البنزين 1.16 دولار للتر الواحد. في المقابل، لم تشهد أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية أي تحسن، بل ظلت ثابتة مع وجود انخفاضات متفاوتة بين المناطق وفقاً للعرض والطلب. ومن الملاحظ أن سعر الموز انخفض من 50 ألف ليرة سورية (حوالي ثلاثة دولارات) للكيلو الواحد إلى دولار واحد فقط، بينما ارتفع سعر ربطة الخبز من 500 ليرة سورية إلى ثلاثة آلاف ليرة (ما يعادل 25 سنتاً)، وسعر أسطوانة الغاز إلى 250 ألف ليرة (حوالي 20 دولاراً) رغم توفرها بكثرة. كما انتشرت مشتقات النفط من غاز ومازوت وبنزين في المدن بشكل واسع بعد أن كانت هذه المواد شحيحة ومقننة للمواطنين قبل سقوط النظام.

يأتي ذلك في ظل تطورات اقتصادية تشهدها سوريا، التي تعاني من الحصار الأوروبي والعقوبات الأمريكية، بما في ذلك قانون قيصر. تترقب الأوساط الاقتصادية إمكانية رفع أو تخفيف هذه العقوبات، خاصة في مجال المساعدات الإنسانية، مما قد يؤثر على حركة السوق. في هذا السياق، تدرس حكومة تصريف الأعمال، التي تستمر لمدة ثلاثة أشهر، إمكانية إلغاء الدعم عن مادة الخبز وتحمل تكلفتها حتى يتم تحرير السوق بشكل كامل. كما تشير التوقعات إلى إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي من إنتاج القمح بحلول عام 2026، مع طرح مناقصات لشراء القمح خلال النصف الأول من العام الحالي.

تسعى الإدارة الجديدة في البلاد جاهدة لتحسين الاقتصاد ومستوى المعيشة، بالإضافة إلى التخطيط لعملية إعادة الإعمار بهدف تأهيل البنية التحتية لاستقبال الملايين من النازحين السوريين الذين فقدوا منازلهم. كما تهدف إلى الاستفادة من تركيا، الجارة في الشمال السوري، لإعادة تأهيل خطوط التجارة والصناعة. في الوقت نفسه، ينتظر السوريون، وخاصة العاملين في الدولة الذين انقطعت رواتبهم، زيادة في الرواتب لتلبية احتياجاتهم الأساسية. وقدّر وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال، محمد أبا زيد، أن الزيادة قد تصل إلى 400 في المئة، ومن المتوقع أن يتم إقرارها في فبراير (شباط) المقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى