رام الله – فطين عبيد
مخيم بلاطة القريب من نابلس يعد الأكثر كثافة في العالم، إذ يسكنه 35 ألف مواطن على مساحة نصف كم مربع، ضمن بيوت غير صالحة للسكن لغياب دخول الشمس، تمول الأمم المتحدة معظم برامج الصحية والتعليم والمعيشة، ومعظم البيوت عشوائية بدأت بالصفيح وتطورت.
تأسس المخيم بعد النكبة مباشرة حين لجأ 4 ألف فلسطيني إلى المنطقة القريبة من نابلس هرباً من مجازر الاحتلال، حالياً الـ “أنروا” التي أنشئت لخدمة اللاجئين بدء دورها ينهار بتنسيق أمريكي مع الاحتلال، لتفريغ المخيم من السكان، وانهاء قضية اللاجئين.
تضاعفت نسبة المخيم في الحرب الأخيرة على غزة، وقلصت الأمم المتحدة التي تمول مدارس المخيم الأربعة والتي تضم تسعة آلاف طالب خدماتها، إضافة لشح الأدوية للمرضى في المركز الصحي الذي تغذيه الاونروا بالأدوية.
تنصلت الأمم المتحدة من إعادة بناء البيوت التي يواصل الاحتلال تدميرها منذ بدء العدوان على غزة، وبقيت 12 عائلة بالعراء، بعد أن دمر الاحتلال بيوتهم منذ بدء الحرب على غزة.
تراجعت خدمات الأمم المتحدة، ما دفع مجلس الخدمات الممول من السلطة الفلسطينية وفاعلي الخير، تحمل المسؤولية بتوزيع الخبر، إذ كان يوزع خبز لـ 120 عائلة، تزايدت لـ 700 عائلة حالياً، فمعظم معيلي البيوت بلا عمل داخل فلسطين الداخل، إضافة إلى أن موظفي السلطة الفلسطينية لا يستلموا كامل رواتبهم.
الآن يوزع مجلس الخدمات الممول من السلطة الفلسطينية وفاعلي الخير 1200 طرد غذائي شهرياً على العائلات المستحقة، كما قدمت 400 عائلة حاجتها الماسة للغذاء تزامنا مع قرب الشهر الفضيل.
تتضمن الخطة الأمريكية بالتعاون مع الاحتلال تقليص وربما انهاء عمل الوكالة وترك المخيمات الفلسطينية الـ 19 في الضفة الغربية تواجه مصيرها بلا غذاء، مع تواصل عمليات قتل واعتقال وتدمير بنية تحتية ضمن سياسة العقاب الجماعي، وخطة لتصفية المخيمات.
بعض الشهداء استشهدوا داخل بيوتهم أو خلال تواجدهم بالشارع، لخلق جو من الرعب يدفع أهل المخيم مغادرته والبحث عن مكان آمن، حفاظاً على حياتهم.
وخلال لقاء خاص لهذا التقرير مع مجلس الخدمات في المخيم، أوضحوا أنه يصل المخيم بعض المتضامنين والدبلوماسيين، لكن زيارات المجاملة والتضامن غير كافية، في الجو المشحون للطلاب الذين يحاصروا أو يستهدفوا بالرصاص داخل مدارسهم.
حسب اتفاقية أوسلو 1993، القدس واللاجئين تؤجل قضيتهم للمرحلة النهائية من المفاوضات، لكن الاحتلال يحاول قتلهم وتهجيرهم بدل البحث عن حلول لمشاكلهم حسب الاتفاق.
وبينوا أن مؤسسة “يسيد” الأمريكية والتي بدأت عملها في فلسطين عام 2010، حاولت التغلغل داخل المخيمات بحزمة مساعدات مشروطة منها عدم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، ونبذ الأرهاب الفلسطيني ويقصدوا وقف مقاومة الاحتلال، ما دفع الجميع رفضها رغم حالة البؤس والفقر، وأعلنت رسميا وقف خدماتها في فلسطين قبل شهر.
حالياً وبتوافق أمريكي مع الاحتلال يتم تقليص خدمات الوكالة لإنهاء خدمات الأمم المتحدة في المخيمات، حتى يفرضوا حلولهم على شعب أعزل جائع، واجبار الأردن ومصر على تقبل الفلسطينيين بالقوة، فحتى في الجزء الشرقي من مدينة القدس يتم اقتحام مدارس الوكالة، والحال كذلك في معهد قلنديا، في خطوات متسارعة من الاحتلال لتنفيذ قانون حظر الوكالة في الضفة والقدس.
سكان مخيم بلاطة كلهم لاجئين من قرى فلسطين التاريخية في اللد ويافا والرملة، هربوا وتركوا بيوتهم التي بنى عليها الاحتلال دولته، فـ “الجماسين، الحشاش، الطيراوي، العاصي، المسيمي، القرعان، المغربي وغيرهم”، يحتفظوا للآن وبعد 77 من النكبة بمفتاح بيوتهم على أمل العودة.
