القطاع غير النفطي في السعودية يحافظ على مرونته مع بروز الرياض وجهةً مفضّلةً للشركات الدولية
كشف أحدث تقرير لشركة سَفِلز العقارية للسوق التجاري السعودي، أنه رغم التحديات الاقتصادية العالمية والناتج المحلي الإجمالي الذي تم تعديله بانخفاض قدره 0.8% للعام الماضي، تمكن سوق المكاتب في الرياض من المحافظة على أدائه القوي في الربع الأول 2024، كما ظل مساهماً رئيسياً في الاقتصاد بفضل الأداء المرن للقطاع غير النفطي.
وارتفع مؤشر مديري المشتريات في المملكة إلى 57.2 نقطة في فبراير من العام الجاري، مسجلاً أسرع ارتفاع في الإنتاج على مدى خمسة أشهر، ليكون ذلك بمثابة تأكيد واضح على دور الاقتصاد غير النفطي كداعم رئيسي للناتج المحلي الإجمالي. ويمثل هذا الشهر الثاني والأربعين على التوالي الذي يتجاوز فيه مؤشر مديري المشتريات عتبة 50 نقطة، ما يشير إلى التوسع المستمر في القطاع غير النفطي.
وقال أمجد سيف، رئيس قسم خدمات المعاملات في سَفِلز في المملكة العربية السعودية: “رغم الطلب الجيد، تم تسجيل انخفاض كبير في عدد معاملات إيجارات المكاتب في الربع الأول، حيث تشير البيانات المتعلقة بحركة الإيجارات إلى انخفاض بنسبة 27% في المعاملات على أساس ربع سنوي، ويعزى ذلك في المقام الأول إلى محدودية توافر المساحات المكتبية. ومع ذلك، شهدت المكاتب من الدرجة الأولى زيادة في قيم الإيجارات بنسبة 5% مقارنة بالربع الأخير، وذلك نتيجة الطلب المتزايد على الأصول عالية الجودة في ظل محدودية المساحات المعروضة في السوق.”
وترجّح التوقّعات حدوث اتجاه تصاعدي في الطلب على المكاتب من الدرجة الأولى طوال العام بسبب عوامل عديدة، ومن أبرزها تركيز “رؤية السعودية 2030” على جذب الاستثمار الأجنبي، والجهود المستمرة التي تبذلها حكومة البلاد لتنويع مصادر الدخل، والعمل على استقطاب الشركات الأجنبية لإنشاء مقرّاتها الإقليمية في العاصمة الرياض.
وأبرز التقرير ذاته أيضاً أن 74% من الاستفسارات التي تلقتها “سَفِلز” جاءت من الخارج، واستحوذت الشركات الأمريكية تحديداً على ما نسبته 37% من هذه الاستفسارات.
من جهته، قال رمزي درويش، مدير سَفِلز في المملكة العربية السعودية: “تشهد الرياض طفرة ملحوظة في تنامي اهتمام الشركات، حيث اختارت أكثر من 180 شركة إنشاء مقرّاتها الإقليمية في المدينة، لتتمكن العاصمة من تجاوز هدفها الأولي البالغ 160 شركة. وتعكس هذه الثقة المتزايدة الإمكانات القوية لرأس المال السعودي المدعومة بخطة البلاد الاستراتيجية لتنويع مواردها الاقتصادية.”
وأضاف رمزي: “لقد لاحظنا في الآونة الأخيرة قيام شركات بارزة مثل “فرانكلين تمبلتون” و “ألين آند أوفري” بإنشاء مقرّاتها الإقليمية في العاصمة الرياض.”
ويعتبر الإعفاء الضريبي لمدة 30 عاماً الذي تحصل عليه المقرّات الإقليمية، إضافة إلى السوق المحلي الواسع، والآفاق الواعدة، عوامل مهمة في استقطاب الشركات العالمية، كما أنها تسهم في ترسيخ مكانة الرياض كمركز إقليمي حيوي للشركات الرائدة في مختلف القطاعات.
وتم تسجيل حركة قوية في نشاط الإيجارات خلال الربع الأول 2024، وجاءت الخدمات القانونية في المقدمة، تليها قطاعات الهندسة والتصنيع، ثم تكنولوجيا المعلومات/ الخدمات الممكّنة لتكنولوجيا المعلومات. ومن جهة أخرى، سيطرت شركات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات، والخدمات المصرفية والمالية والتأمين على استفسارات المستأجرين، ما يعكس اهتمام الشركات من كافة القطاعات.
وأدت محدودية توافر المساحات المكتبية الرئيسية في الرياض إلى تسجيل المساحات من الدرجة الأولى معدل إشغال بنسبة 98%، مع زيادة الإيجارات بنسبة 5% على أساس ربع سنوي، و20% على أساس سنوي. وتشهد مجمعات الأعمال ومركز الملك عبد الله المالي مستويات عالية من الطلب، حيث تبلغ حصة عمليات الانتقال إلى هذه الوجهات من مناطق أخرى 75%.
وللتخفيف من المخاوف المتعلقة بالطلب، يُتوقع توفير أكثر من 420 ألف متر مربع من المساحات المكتبية الجديدة من الدرجة الأولى بحلول نهاية العام. ومن شأن هذا العرض المتزايد أن يتيح للمستأجرين المزيد من الخيارات، كما سيسهم في استقرار أسعار الإيجارات.