أخبار عامةاقتصادغير مصنف

القطاع الخاص في مصر…. بين التضخم وارتفاع الدولار

هل ينجح القطاع الخاص مع الحكومة المصرية من عبور الازمات الاقتصادية الحالية

خلال عام 2024، واجهت مصر العديد من التحديات نتيجة الأزمات الكبيرة التي تعصف بدول الجوار، أبرزها العدوان الإسرائيلي على غزة، والحرب في السودان، بالإضافة إلى الأزمات في سوريا ولبنان.

على الرغم من الجهود المستمرة التي تبذلها القاهرة للتوصل إلى تهدئة وحلول للصراعات القائمة في المنطقة، والتي تؤثر بشكل مباشر عليها، إلا أن هذه الأزمات لا تزال قائمة وتلقي بظلالها على المنطقة بأسرها، وخاصة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

تعيش البلاد وضعًا اقتصاديًا ضاغطًا يهدد الطبقات الأكثر فقراً من الشعب المصري، مما قد يؤدي إلى إثارة الاضطرابات. ويزيد من تعقيد هذا الوضع “حزام الأزمات” الإقليمية والدولية المحيط بالبلاد، مما يعزز المخاطر السياسية والجيوسياسية التي تهدد مقومات الأمن القومي، ويضيف أعباءً على كاهل الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي فاز بولاية رئاسية جديدة في ديسمبر الماضي تمتد حتى عام 2030. وفي ظل حراك دبلوماسي نشط للسيطرة على الأزمات الإقليمية، من حرب غزة إلى الصراع في السودان وانعدام الاستقرار في ليبيا، تواجه مصر مطالب بتنفيذ إصلاحات هيكلية للاقتصاد مقابل قرض من صندوق النقد الدولي، كما تواجه وضعًا مضطربًا.

أفادت ستاندرد آند بورز، بأن ظروف التشغيل في القطاع الخاص غير النفطي في مصر شهدت تدهورًا خلال ديسمبر/كانون الأول، حيث انخفض الإنتاج والطلبيات الجديدة بأسرع وتيرة خلال 8 أشهر، نتيجة للضغوط المتزايدة على التكاليف.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات الرئيسي لشركة ستاندرد آند بورز غلوبال في مصر إلى 48.1 نقطة في ديسمبر/كانون الأول، مقارنة بـ 49.2 نقطة في نوفمبر/تشرين الثاني، مما يعكس انكماشًا للشهر الرابع على التوالي. وتشير القراءة التي تقل عن 50 نقطة إلى تراجع في النشاط الاقتصادي.

القطاع الخاص في مصر

يعود هذا الانخفاض إلى تراجع الطلب من العملاء وزيادة الضغوط التضخمية، التي تفاقمت نتيجة ضعف الجنيه المصري مقابل الدولار.

يُقدَّر متوسط فاتورة استيراد مصر من الخارج بحوالي 90 مليار دولار، بينما تبلغ إجمالي صادراتها (سلعية وبترولية) نحو 52 مليار دولار، منها 35 مليار دولار صادرات سلعية. وهذا يعني أن هناك عجزًا في الميزان التجاري يصل إلى 38 مليار دولار، دون احتساب أقساط الديون وفوائدها.

أما بالنسبة لخدمة الدين المصري، فتبلغ أقساط وفوائد الديون حوالي 42.3 مليار دولار خلال عام 2024، مما يجعلها أعلى فاتورة سداد تُطلب في عام واحد. ويأتي ذلك في ظل ارتفاع الدين الخارجي إلى نحو 165 مليار دولار، مع احتياطي نقدي لا يتجاوز 35.2 مليار دولار.

وأشار ديفيد أوين، كبير الاقتصاديين في ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتيليجنس، إلى أن “البيانات الأخيرة لمؤشر مديري المشتريات في مصر تشير إلى أن التعافي المتوقع للقطاع الخاص غير النفطي قد يواجه تحديات في عام 2025”.

وأضاف أن الشركات تعاني من ارتفاع الأسعار وانخفاض الطلب، مما أدى إلى أسرع تراجع في ظروف التشغيل منذ أبريل الماضي.

تراجعت مستويات التوظيف للشهر الثاني على التوالي، رغم أن الانخفاض كان طفيفًا. وقد ساهم ارتفاع تكاليف الرواتب، المرتبطة بتحديات تكلفة المعيشة، في تقليص عدد الوظائف المتاحة.

كما تسارعت وتيرة التضخم في تكاليف المدخلات، نتيجة لزيادة أسعار المواد وارتفاع قيمة الدولار. ومع ذلك، كانت الشركات أقل استعدادًا لرفع أسعارها، حيث لجأت إلى تقليص هوامش الربح للحفاظ على حجم الطلبات.

في المقابل، أبدت الشركات غير النفطية تفاؤلاً أكبر بشأن النشاط المستقبلي، مع توقعات بتحسن الظروف المحلية والجيوسياسية في عام 2025.

ارتفع مؤشر الإنتاج المستقبلي الفرعي إلى 53.8 نقطة، مقارنة بـ 50.5 نقطة في نوفمبر/تشرين الثاني. ومع ذلك، تظل المخاوف بشأن تقلبات أسعار الصرف وعدم استقرار الأسعار تهدد بتقليل الطلب في المدى القريب.

يسعى صندوق النقد الدولي إلى تعزيز دور القطاع الخاص المصري في الاقتصاد المحلي من خلال البرنامج الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة المصرية، والذي يتضمن اقتراض 8 مليارات دولار، حصلت على 3 شرائح منها حتى الآن.

التضخم وارتفاع الدولار

وأعلن وزير المالية المصري أحمد كوجك، أن مصر ستتلقى شريحة بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي هذا الشهر.

الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، يشير إلى أن جزءاً من الأزمة الاقتصادية يعود إلى “إهمال القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة”، مما أدى إلى اعتماد البلاد على “الاقتصاد الريعي”، حيث أصبحت المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي تعتمد على تحويلات المصريين في الخارج والسياحة وقناة السويس، مما يعني أن الاقتصاد يعتمد على جغرافيا المنطقة وتاريخ البلاد.

تسعى مصر إلى تسريع الانتقال إلى تقنيات الثورات الصناعية والتحرك نحو الاقتصاد الأخضر بشكل مستدام. كما تأمل مصر في الاستفادة من الوثيقة لتحقيق المزيد من المكتسبات في القطاعات الاجتماعية، وخاصة في مجالي التعليم والصحة، بالتزامن مع تحسين مستويات المعيشة وتعزيز الدور الاقتصادي لقناة السويس وزيادة تجارة الترانزيت، بالإضافة إلى تعزيز دور المصريين في الخارج، وفقاً لتصريحات رسمية.

في هذا السياق، دعا رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، الرئيس التنفيذي لمجموعة طلعت مصطفى القابضة، إلى ضرورة تغيير الفكر الحكومي في التعامل مع أزمة الدولار.

وأشار إلى ضرورة أن تستفيد الدولة من النماذج الناجحة في مختلف القطاعات، قائلاً: “سنجد في قطاع الصناعة أشخاصاً ناجحين مثل المهندس أحمد عز وشركة السويدي، ويجب أن نستفيد منهم”.

وأوضح الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة طلعت مصطفى القابضة أن “أزمة العجز الدولاري تُعتبر أكبر التحديات التي تواجه مصر”، مضيفًا: “إذا تم حل مشكلة العجز الدولاري، سنشهد مصر تتقدم اقتصادياً”.

كما أضاف: “لا تزال الظروف غير ملائمة، مما يجعل القطاع الخاص، سواء المحلي أو الخارجي، غير قادر على التوسع بشكل كبير في تنفيذ المزيد من الاستثمارات”. وأكد أن الدولة لا تنافس القطاع الخاص، لكنها لم يكن لديها خيار آخر في فترات سابقة لضمان تنفيذ المشاريع والاستثمارات بشكل أسرع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى