أخبار عامة

الصين والسعودية يدا بيد لبناء مستقبل أخضر.

بقلم: باي يوي إعلامي صيني

في 15 أغسطس 2023، وبمناسبة اليوم الوطني الأول للإيكولوجيا في الصين، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ في توجيهاته المهمة على ضرورة أن يعمل الجميع بفعالية علي نشر وممارسة نموذج مفهوم “الجبال الخضراء والمياه النقية هي أصول لا تقدر بثمن”، داعيا إلى “الإسهام بمزيد من الجهود في بناء عالم نظيف وجميل”.

لقد حققت الصين إنجازات باهرة في بناء الحضارة الإيكولوجية، وأصبحت تقدم إلهاما جديدا للتنمية المستدامة على مستوى العالم. وخلال السنوات الأخيرة، كثّفت الصين والمملكة العربية السعودية جهودهما المشتركة لبناء “طريق الحرير الأخضر”، حيث أطلق الجانبان مسارا للتحول في مجال الطاقة. وتحظى شركات الطاقة المتجددة الصينية باهتمام متزايد من الجانب السعودي. ومع تعمق التعاون بين الطرفين، باتت الشركات الصينية تضخ قوى متجددة تسهم بفاعلية في دعم تحول الطاقة داخل المملكة.

يقول محمد صادق، الباحث في مركز البحوث وتبادل المعرفة في المملكة العربية السعودية، إن الصين تمضي قدما في تحقيق هدفي “ذروة الكربون” و”الحياد الكربوني”، وقد حققت تقدما عالما في تطوير تقنيات الطاقة النظيفة، لا سيما الطاقة الشمسية. وأوضح أن العديد من مشاريع الطاقة النظيفة المشتركة بين الصين والدول العربية قد رأت النور، ما يرسخ دور الصين في جعل الطاقة النظيفة أكثر توافرا، ويسرع من وتيرة التحول الأخضر عالميا.

اقرا ايضا: المملكة تشارك العالم الاحتفاء باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف

في عام 2022، أصدرت الدولتان بيانا مشتركا أعربتا فيه عن عزمهما على تعميق التعاون في مجالات متعددة، من بينها الكهرباء، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى، وتطوير المشاريع المرتبطة بها، إضافة إلى الاستخدام المبتكر للهيدروكربونات، ورفع كفاءة الطاقة، وتوطين المنتجات الطاقوية وسلاسل الإمداد ذات الصلة.

وفي يوليو من هذا العام، دخل مشروع الطاقة الشمسية الكهروضوئية REPDO 4-AHK في السعودية، الذي شاركت في بنائه شركات صينية، مرحلة الاختبارات المشتركة لأنظمة الكهرباء بشكل كامل. وتبلغ القدرة المركبة لهذا المشروع 1230 ميغاواط، وهو أحد أهم ثمار المواءمة بين مبادرة “الحزام والطريق” الصينية و”رؤية السعودية 2030″. كما يُعد هذا المشروع أحدث و أضخم مشروع في مجال الطاقة المتجددة تنفذه الشركات الصينية في السعودية بعد سلسلة من مشاريع الطاقة الشمسية الكبرى. وبمجرد الانتهاء من تنفيذه، سينتج المشروع 3.1 مليار كيلوواط/ساعة من الكهرباء النظيفة سنويا، مما يضمن تلبية احتياجات الكهرباء لـ 750 ألف أسرة في المدينة المنورة، كما سيساهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 3.1 مليون طن، وانبعاثات ثاني أكسيد الكبريت بمقدار 93 ألف طن سنويا. وسيدعم المشروع جهود السعودية في بناء اقتصاد منخفض الكربون وصديق للبيئة، وتعزيز تنويع هيكل الطاقة والاقتصاد المحلي، مما يضخ زخما جديدا في مسار التحول الطاقي والاقتصادي في المملكة.

في العام الماضي، وخلال الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض، تم تخصيص جناح خاص للصين. وقد تركت إجراءات الصين في تعزيز مكافحة التصحر وتعزيز التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة انطباعا عميقا لدى العالم. كما منحها مكتب أمانة الاتفاقية جائزتي “المساهمة المتميزة في مكافحة التصحر”. وتغطي الصحارى نحو 40% من مساحة أراضي المملكة، وفي هذا السياق، تتعاون شركة “ديوي إير الثانية لتقنيات الفضاء” (مقرها هانغتشو) مع المركز الوطني السعودي لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، للاستفادة من البيانات المتعددة المصادر التي توفرها الأقمار الصناعية، إلى جانب استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، دعما لمبادرة “السعودية الخضراء”.

وفي يوليو من العام الماضي، أعلن كل من صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF)، وشركةVision Industries السعودية، عن تأسيس شركات مشتركة في مجال الطاقة الجديدة بالتعاون مع مجموعة “إنفيجن” الصينية، وشركة “جينكو سولار”، وشركة “TCL Zhonghuan”، وذلك بهدف إنشاء وتشغيل مشاريع لتصنيع معدات طاقة الرياح والطاقة الشمسية في المملكة، بما يسهم في تسريع وتيرة التحول نحو الطاقة المتجددة. إضافة إلى ذلك، أسست العديد من شركات الطاقة الصينية في الرياض معاهد أو مكاتب بحثية للطاقة النظيفة، مما شكل روابط قوية لدمج الموارد.

إن التعاون الصيني السعودي في مجال الحضارة الإيكولوجية لا يقتصر على التكامل الاقتصادي فحسب، بل يشكل أيضًا نموذجا حيا للتنمية المستدامة على المستوى العالمي. فمن بناء محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، إلى مكافحة التصحر، وصولا إلى توطين صناعة الطاقة الجديدة، يعمل البلدان يدا بيد لدفع عملية التحول الطاقي، مجسدين قوة العمل الملموسة للمفهوم الأخضر. إن الجمع بين المزايا التقنية للصين والموارد الطبيعية الغنية للسعودية لا يلبي احتياجات التنمية المحلية فقط، بل يضخ كذلك زخما قويا في مسار تحقيق هدفي الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات على الصعيد العالمي. وفي ظل تفاقم التغير المناخي والأزمات البيئية، تجاوزت أهمية التعاون الصيني السعودي الإطار الثنائي، لتصبح ممارسة مهمة في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. إن مسار التنمية الذي يتخذ من الإيكولوجيا الخضراء قاعدة له، هو الاتجاه والنموذج الذي ينبغي أن تسير عليه الشراكات الدولية في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى