الصناعة في طورها الرابع (الصناعة 4.0) والحوار بين القطاعين العام والخاص
يتصدران محور النقاش الرئيسي لبرنامج بناء القدرات السنغافوري-الأردني
شكّل مستقبل الصناعة في طورها الرابع (الصناعة 4.0) والاقتصاد الإبداعي الرقمي محور النقاش الرئيسي لبرنامج بناء القدرات عالي المستوى والمغلق، الذي عُقد في مركز التدريب المهني الإقليمي السنغافوري-الأردني في عمّان، خلال الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر 2025.
يُذكر أن البرنامج التدريبي الذي أقيم بعنوان: “الصناعة 4.0 وإدارة الابتكار”، في إطار الشراكة السنغافورية(SCP) ، وتحت إشراف مؤسسة التدريب التقني السنغافورية (IPOS International)، وهي الجهة المسؤولة عن بناء القدرات التابعة لمكتب الملكية الفكرية في سنغافورة (IPOS)، قد جمع مسؤولين حكوميين من المستويات العليا والمتوسطة من الأردن ودول أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، لمناقشة التحديات والفرص المرتبطة بالصناعة في طورها الرابع (الصناعة 4.0).
شهد الحدث مشاركة خبراء من سنغافورة وشركاء من القطاع الصناعي الذين استعرضوا آراءهم وتجاربهم في مجالات الصناعة 4.0، وإدارة الابتكار، وأطر الحوكمة. وقد أبرزت المناقشات الحاجة الملحّة للتعاون بين القطاعات المختلفة وداخل كل قطاع بهدف وضع أطر تنظيمية أكثر مرونة وملاءمة في ظل التقدم التكنولوجي المتسارع.
ووفقًا لإدارة التجارة الدولية الأمريكية، من المتوقع أن ينمو قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والاقتصاد الرقمي في الأردن بأكثر من أربعة أضعاف ليقفز من 1.27 مليار دولار أمريكي إلى 5.46 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2033. كما يشهد سوق الاقتصاد الإبداعي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى نمواً ملحوظاً بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 18.80%، حيث من المتوقع أن يرتفع من 10.93 مليار دولار أمريكي في عام 2025 ليصل إلى 36.50 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2032.
لقد أحدثت الصناعة 4.0 تحولاً سريعاً في عمليات التصنيع وإدارة سلسلة التوريد على مستوى العالم، مما أسفر عن زيادة شفافية البيانات واعتماد المعدات ذاتية التشغيل. وأسهم هذا التحول في تعزيز الحاجة إلى التآزر بين الآلات ومشغليها من البشر، بالإضافة إلى تسريع وتيرة تبني الذكاء الاصطناعي وتكامله. كما تأثر الاقتصاد الإبداعي بشكل كبير، حيث تلاشت تقريباً حواجز الدخول، وأصبح هناك تدفق هائل من البيانات يتم مشاركته الآن ضمن أطر زمنية متقاربة.
من بين شركاء القطاع التقني الذين قدموا رؤاهم وأفكارهم، كانت شركة “بيجو تكنولوجي” (BIGO)، التي تُعتبر من أسرع شركات التكنولوجيا نمواً في سنغافورة. وقد استعرضت الشركة تجربتها في الأردن، حيث نما عدد موظفيها من اثنين فقط في عام 2019 إلى أكثر من 1.000 موظف ضمن فريق عملها المنتشر في مكاتبها في عمّان وإربد.
وذكر المتحدث باسم “بيجو تكنولوجي” (BIGO)، “يعكس هذا النمو اللافت الإمكانات المتوفرة في الاقتصاد الرقمي الأردني.” وأضاف بالقول: “إن قطاع التكنولوجيا الإبداعية يتجاوز مجرّد الترفيه ليشمل أيضاً فرصاً اقتصادية جديدة، وخلق فرص عمل، وحماية المجتمعات. وإنه لفخر لنا أن نشارك خبرتنا مع الحكومات وقادة القطاع الذين يشكّلون معاً ملامح مستقبل الصناعة في طورها الرابع (الصناعة 4.0) في بلدانهم. كما نتطلع إلى العمل والتعاون عن كثب مع الهيئات الرقابية والحكومات للارتقاء بتجربة مستخدمينا نحو الأفضل”.
خلال الجلسة التدريبية، عرضت “بيجو” (BIGO) نماذج دراسات حالة لتوضيح حقيقة مفادها أن اعتماد التكنولوجيا ودمجها لا ينبغي أن يكون بمعزل عن العوامل الأخرى، بل يجب أن يترافق مع الحوكمة. باستخدام “بيجو لايف” (Bigo Live) كمثال، أبرز المتحدثون الدور الفعال الذي يمكن أن تلعبه المنصات في مساعدة الحكومات على إنشاء بيئات رقمية آمنة، بالإضافة إلى اكتساب رؤى قيّمة حول اتجاهات المجتمع واهتماماته.
وأكدت دراسة الحالة على أهمية التواصل المستمر مع الجهات الرقابية، والتزام “بيجو” (BIGO) بمشاركة خلاصة الرؤى المكتسبة لديها، والتعاون الوثيق مع الحكومات لمعالجة الآثار السلبية قبل أن تصل إلى جمهور أوسع.
كما كان الاقتصاد الإبداعي الرقمي، الذي يدعم حوالي 50 مليون وظيفة على مستوى العالم، موضوعاً رئيسياً للنقاش. فقد شهد اقتصاد المبدعين في دول مجلس التعاون الخليجي نمواً بنسبة 74% في غضون عامين فقط، ليصل إلى 263 ألف صانع محتوى بحلول عام 2025، وهو ما يُظهر الزخم المتسارع في هذا القطاع ضمن المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، قدم خبراء آخرون من الأوساط الأكاديمية وقادة الفكر رؤاهم حول ركائز الصناعة 4.0، بما في ذلك البيانات الكبيرة وتحليلها، وإدارة المؤسسات، والتكنولوجيا المالية، وإدارة الملكية الفكرية، وغيرها من المواضيع ذات الصلة بالحوكمة.
تناولت الجلسة الحوارية أهمية التواصل المفتوح وتعزيز التعاون للتغلب على التحديات التي تواجه الصناعة 4.0، وضمان تقاسم المنافع بين جميع الأطراف المعنية في الاقتصاد العالمي.


