الذكاء الاصطناعي: دفع الابتكار الجذري والنمو غير المسبوق والتنمية المستدامة
بقلم باتريك جوهانسون، رئيس شركة إريكسون في الشرق الأوسط وإفريقيا
يعمل الذكاء الاصطناعي على إحداث ثورة حقيقية وتغيير جذري في الطريقة التي نعيش بها حياتنا ونمارس بها أعمالنا، بدءاً من المساعدين الصوتيين مثل “Siri” وليس انتهاءً بالسيارات ذاتية القيادة.
ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هنا هو، ما هو تأثير هذه التكنولوجيا على الاتصال عبر الهاتف المحمول، لا سيما وأن اشتراكات شبكة الجيل الخامس ستصل إلى ما يقرب من 5.6 مليار اشتراك في عام 2029؟ ماذا لو كان هاتفك الذكي قادراً على التنبؤ باستخدامك للبيانات، وتحسين اتصالك بالشبكة في الوقت الفعلي؟
لا شك بأن تطور الذكاء الاصطناعي مذهل بالفعل، كما أنه ينطوي على إمكانيات غير مسبوقة لا يمكن تصورها بعد. وباعتباره أحد أعظم القوى التحويلية في عصرنا، يعمل الذكاء الاصطناعي على إحداث ثورة في جميع القطاعات، بما في ذلك الاتصالات.
وتعمل قدراته الهائلة على صعيد تعزيز الكفاءة والأتمتة على إعادة تشكيل صناعة الاتصالات، وتحسين المرونة، وتمكين عمليات تنبؤية واستباقية. واليوم، يستفيد العديد من مقدمي الخدمات من الذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام واتخاذ قرارات قائمة على البيانات.
ويمثل الذكاء الاصطناعي عنصراً أساسياً في تطوير شبكات المستقبل، فهو يعزز تقنيات الاتصال، ويدعم الواقع الممتد، والأجهزة ذات القدرة المخفّضة (RedCap) ، ويعزز كفاءة استخدام الشبكة للطاقة. كما أدى ظهور نماذج اللغة الكبيرة إلى توسيع نطاق حالات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، مما نجم عنه فوائد تتجاوز ما يمكن أن تحققه التطبيقات التقليدية.
وكان للذكاء الاصطناعي دور مهم وكبير في تطور الاتصال عبر الهاتف المحمول، حيث أدى إلى تعزيز التحول من النطاق العريض المحمول إلى خدمات أكثر قابلية للتنبؤ، وموجهة نحو الأداء.
ويبشر هذا التحول بفوائد اقتصادية كبيرة، وتمكين الشركات والحكومات والمجتمعات من تحقيق أهداف الاستدامة.
ورغم أن هذه التطورات قد تكون مذهلة بلا شك، إلا أننا قد بدأنا للتو في إطلاق العنان للقوة الحقيقية للذكاء الاصطناعي.
وسوف يصبح تأثيره أكثر وضوحاً مع انتشار شبكات الجيل الخامس في كل مكان. وعندها سوف يمهد الذكاء الاصطناعي الطريق أمام ابتكارات لم نكن لنتخيلها قط.
وبصفتنا رواد في مجال تقنية الجيل الخامس، فإننا متحمسون لإمكانات الذكاء الاصطناعي، ولطالما كنّا في طليعة من يتبناها.
وقد استفدنا على مدى عقود من الزمان، من حلول تعمل بالذكاء الاصطناعي لإدارة بيانات الشبكة المعقدة، والتنبؤ بالأنماط، وتحسين أداء الشبكة.
وتوفر تقنية إريكسون للإدارة التنبؤية للشبكة، والتي تعمل بالذكاء الاصطناعي، تشخيصات شاملة قائمة على التعلم الآلي وتحليل الأسباب الجذرية وتقديم توصيات قابلة للتنفيذ لتحسين تجارب المستخدم.
وهذا لا يساعد مزودي خدمات الاتصالات في معالجة شذوذ الشبكة فحسب، بل يعيد أيضاً تعريف كيفية تشغيل الشبكات وصيانتها.
ولهذا، تعتريني على الصعيد الشخصي حماسة خاصة تجاه موضوع معرض جيتكس جلوبال لهذا العام، “الذكاء الاصطناعي في كل شيء“.
ويتوافق هذا الشعار تماماً مع التزامنا الراسخ ببناء عالم يعتمد على الهواتف المحمولة بشكل رئيسي، وتدعمه الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، حيث يمكن فيه الوصول إلى شبكات متميزة وعالية الأداء في كل مكان.
ونحن نتطلع إلى عرض ابتكاراتنا المتطورة في مجال الذكاء الاصطناعي والاتصال، ومشاركة خبراتنا حول كيفية مساهمة الذكاء الاصطناعي في تحقيق أهداف الاستدامة العالمية، واستكشاف التقنيات المستقبلية، كتقنيات الجيل الخامس المتقدمة، وتمهيد الطريق لتقنيات الجيل السادس.
ويلعب الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، دوراً مهماً في ضمان اتصال موثوق وتعزيز الشمول الرقمي، بما يتماشى بشكل خاص مع الرؤى الوطنية الطموحة للعديد من حكومات المنطقة.
ونحن ننشر حلولاً تدعم الذكاء الاصطناعي لتحسين أداء الشبكة، والمساهمة في التحول الرقمي، والتصدي للتحديات الفريدة في هذه المنطقة من العالم. ونحن لا نقوم من خلال تبني الذكاء الاصطناعي، بحل المشكلات الراهنة فحسب، بل نضع أيضاً أساساً متيناً لشبكات المستقبل.
ومن المهم أيضاً تسليط الضوء على قضية في غاية الأهمية، ألا وهي أنه مع الفوائد الهائلة للذكاء الاصطناعي، هناك حاجة ملحة للنظر في الأمن السيبراني. ومع انتقال شبكات الجيل الخامس وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى الحوسبة السحابية والحافة، تظهر نقاط ضعف جديدة.
وقد أتاح ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي ونماذج اللغات الكبيرة للخصوم الأدوات اللازمة لاستغلال هذه الثغرات بسرعة. ويشير تقرير صادر عن مؤسسة Sapio Research ومؤسسة Deep Instinct، إلى أن 85% من المتخصصين في الأمن السيبراني يعزون ارتفاع الهجمات إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي. وسيتطلب التخفيف من هذه التهديدات حلول أمن سيبراني متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
كما أن الثقة تشكل تحدياً أيضاً، إذ إن اعتماد الذكاء الاصطناعي على النماذج الاحتمالية يمكن أن يخلق حالة من عدم اليقين، وتعد الشفافية بشأن عمليات الذكاء الاصطناعي أمراً بالغ الأهمية. ولتحقيق الإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي، يجب إرساء الثقة في تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره واستخدامه.
ولهذا السبب من الأهمية بمكان أن نبني ثقة بشرية في الذكاء الاصطناعي، ونعالج مختلف الجوانب، بدءاً من القدرة على التفسير والإشراف البشري إلى الأمن وآليات السلامة المدمجة. وتعد الثقة شرطاً أساسياً للذكاء الاصطناعي، ونحن نقوم ببنائها داخل النظام من خلال التصميم.
إن إطلاق العنان لإمكانات الذكاء الاصطناعي كاملة يتطلب إقامة شراكات بين مختلف الصناعات لتطوير حلول آمنة وجديرة بالثقة.
ومع انتقالنا نحو عصر تستطيع فيه الشبكات الاستشعار والحوسبة والتعلم والعمل بشكل مستقل، سيكون الذكاء الاصطناعي عنصراً أساسياً في إدارة الزيادة الهائلة في البيانات التي تولدها مليارات الأجهزة المتصلة. وسوف يعتمد هذا المستقبل المترابط على شراكات قوية بين شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومزودي خدمات الاتصالات، وتحويل الأعمال والمجتمع من خلال خدمات اتصالات آمنة وفعالة ومستدامة.