أخبار عامةمقالات

الديون وأثارها علي الاقتصاد العالمي

رجل الأعمال الأمريكي الشهير إيلون ماسك يحذر من أن الولايات المتحدة قد تواجه خطر الإفلاس إذا لم يتم إجراء تخفيض جذري في الإنفاق الحكومي

تتزايد المخاوف بشأن الديون العالمية، حيث يُعتقد أن هذه الديون قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي، وهو اعتقاد يستند إلى حقائق ملموسة. وفقًا لإحصاءات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يتجاوز الدين الحكومي العالمي هذا العام 100 تريليون دولار، مما يعادل حوالي 93.2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

ومن المثير للدهشة أن الدول الأكثر مديونية هي في الواقع الدول الغنية. ففي اليوم الأول من السنة المالية الجديدة في الولايات المتحدة، الذي يوافق 1 أكتوبر، ارتفع الدين الحكومي بمقدار 204.3 مليار دولار، بينما شهد اليوم الأخير من السنة السابقة، 30 سبتمبر، زيادة قدرها 143.3 مليار دولار. وهذا يعني أن الدين الحكومي قد زاد بمقدار 347.6 مليار دولار في يوم واحد فقط، مما أدى إلى ارتفاع إجمالي الدين القومي الأمريكي إلى 35.67 تريليون دولار، أي أكثر من 120% من الناتج المحلي الإجمالي.

هذا الوضع دفع رجل الأعمال الأمريكي الشهير إيلون ماسك إلى التحذير من أن الولايات المتحدة قد تواجه خطر الإفلاس إذا لم يتم إجراء تخفيض جذري في الإنفاق الحكومي. فتكاليف خدمة الديون الضخمة قد تلتهم جميع عائدات الضرائب، مما يترك البلاد دون أموال كافية لتلبية احتياجاتها الأساسية والضرورية. يشبه ذلك حالة شخص يأخذ الكثير من القروض، حيث يمكن أن يؤدي تراكم هذه القروض وخدمتها إلى تقليص ما لديه من أموال للإنفاق على احتياجاته الأساسية، وربما إلى إفلاسه.

ومع ذلك، فإن هذا الأمر يتعارض مع المنطق. فعادةً ما لا يحتاج الأثرياء إلى الاقتراض، لأن دخلهم يكفي لتغطية نفقاتهم، إلا في حالات التوسع في المشاريع أو إنشاء مشاريع جديدة. لذا، يلجأ رجال الأعمال إلى القروض ليس لتغطية نفقات المعيشة، بل لتمويل المشاريع.

وهم يدركون أن هذه القروض ليست مجانية، بل تتطلب دفع فوائد للبنوك الممولة. ومع ذلك، فإن العائد المتوقع من المشاريع يكون مغريًا وكافيًا لتغطية جميع تكاليف الأموال المقترضة. فبدون ذلك، قد يضعف المركز المالي للشركات المقترضة، مما يؤدي إلى تقليص عدد المتعاملين معها.

ولكن هذا ليس هو حال الدول العظمى التي تطبع كل ما تحتاج إليه من نقود، الأمر الذي يؤدي إلى التضخم- رغم كل الجهود التي تبذل لتعقيم النقود المطبوعة. فاستمراء هذه العملية يؤدي إلى الدخول في مسلسل لا ينتهي من تراكم الديون وطباعة النقود من أجل خدمة الديون المتراكمة والحصول على قروض جديدة وهكذا دواليك.

فهذا المسلسل سوف يؤدي إلى اختلالات كبيرة في معايير الاقتصاد الكلي ومؤشراته وعلى رأسها زيادة العجز في الميزان التجاري والحساب الجاري وميزان المدفوعات وتباطؤ معدلات النمو- وليس هذا فحسب، وإنما ربما إلى إفلاس هذه الدول ونشوب أزمة اقتصادية عالمية نتائجها سوف تكون كارثية على الاقتصاد العالمي.

لكن الوضع يختلف بالنسبة للدول الكبرى التي تستطيع طباعة ما تحتاجه من أموال، مما يؤدي إلى حدوث التضخم، على الرغم من جميع الجهود المبذولة للحد من آثار النقود المطبوعة. إن الاستمرار في هذه العملية يفضي إلى حلقة مفرغة من تراكم الديون وطباعة النقود لتسديد هذه الديون والحصول على قروض جديدة، وهكذا تستمر الدائرة.

ستؤدي هذه الحلقة إلى اختلالات كبيرة في مؤشرات الاقتصاد الكلي، مثل زيادة العجز في الميزان التجاري والحساب الجاري وميزان المدفوعات، بالإضافة إلى تباطؤ معدلات النمو. وليس هذا فحسب، بل قد يؤدي الأمر إلى إفلاس هذه الدول واندلاع أزمة اقتصادية عالمية ستكون لها عواقب كارثية على الاقتصاد العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى