التعاون الصيني العربي يفتح آفاقا جديدة في مكافحة التصحر
بقلم الاعلامي الصيني باي يوي
افتتحت الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، تحت شعار “أرضنا، مستقبلنا”، مع التركيز على استعادة الأراضي، والقدرة على مواجهة الجفاف، وأجندة التنمية المستدامة.
التصحر هو تحد مشترك يواجهه الإنسان. تتطلع الدول العربية التي تعاني من التصحر والعواصف الرملية أن تتمكن من الاستفادة من تقنيات وخبرات الصين الناجحة في مكافحة التصحر، والعمل المشترك في مجال منع التصحر ومكافحته.
بفضل الجهود المتواصلة على مدى عقود، نجحت الصين في إنشاء “سور أخضر” على هذه الأراضي، وتقليل التصحر بشكل متزامن، وهي الأولى في العالم في ذلك. ووفقًا للبيانات الرسمية، زرعت الصين خلال الفترة من عام 2012 إلى عام 2022 ما مساحته 64 مليون هكتار من النباتات، وحسنت مساحة 11 مليون هكتار من الأراضي العشبية، وزادت مساحة 800 ألف هكتار من الأرض الرطبة.
وفي الوقت نفسه، تقوم الصين بجهود كبيرة لمشاركة تقنياتها الناجحة في مكافحة التصحر وخبراتها. وفي ديسمبر 2022، أعلنت الصين في القمة الأولى للصين والدول العربية عن استعدادها لتأسيس “مركز البحوث الدولي للجفاف والتصحر وتدهور الأراضي بين الصين والدول العربية”. وفي أغسطس 2023، تم رسميا إطلاق المركز الصيني- العربي الدولي لبحوث الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي خلال منتدى كوبوتشي الدولي التاسع للصحراء في منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم شمال الصين. هذه الخطوة ساهمت بشكل كبير في تعزيز التبادل والتعاون بين الصين والدول العربية في مجال مكافحة التصحر وبناء الحضارة البيئية.
كنموذج لمنطقة مكافحة التصحر في الصين، استكشفت منطقة نينغشيا “خمسة أحزمة ونظام واحد” وغيرها من نماذج مكافحة التصحر، مما جذب انتباه الدول العربية. وقد نظمت أكاديمية الزراعة في نينغشيا دورات تدريبية تقنية حول مكافحة التصحر للدول العربية عدة مرات منذ عام 2006، حيث أقيمت 12 دورة حتى الآن. وفي كل معرض الصين والدول العربية، يتم دعوة العديد من الفنيين من الدول العربية لزيارة منطقة حماية الطبيعة في بيجيتان بمنطقة نينغشيا وشرح تجربة استعادة النباتات في السهوب والاستفادة العقلانية من موارد المياه في المناطق الرملية وتطوير صناعة الرمال. بالمثل، أنشأت الصين منصة دولية لمساعدة وتبادل التقنيات في مجال مكافحة التصحر وتحويل الأراضي الصحراوية في مقاطعة قانسو، ونظمت 36 دورة تدريبية دولية حول تقنيات السيطرة على الصحارى ومكافحة التصحر. تعزز هذه الفعاليات المنتظمة للتبادل والتدريب تطور التعاون في مجال مكافحة التصحر بين الصين والدول العربية.
اقرا ايضا: مراقبو “الغطاء النباتي”.. عين ساهرة على غابات المملكة
المياه هي العنصر الرئيسي في مكافحة التصحر، وحديثاً، تستمر مصر في البحث المستمر حول الزراعة في الجفاف وترويج أصناف مقاومة للجفاف، وتعزيز الري الموفر للمياه. في عام 2019، قامت جامعة عين شمس في مصر بالتعاون مع جامعة نينغشيا في الصين بإنشاء مختبر للري الذكي الموفر للمياه، حيث تم بناء مركزين للتجارب في مزرعة المركز الوطني للأبحاث ومزرعة صحراوية للبحوث الزراعية في مصر بإجمالي مساحة يبلغ 320 فدانا. تتيح هذه المشاريع نظام ري يوفر أكثر من 20٪ من المياه بالمقارنة مع التقنيات المحلية وتقلل التكلفة بنسبة 30٪، مما يساعد في تعزيز قدرة مصر على توفير المياه في الزراعة والغابات ورفع الإنتاجية الزراعية الشاملة. هذا التعاون لا يقتصر فقط على مشاريع البحث المشتركة، بل يشمل أيضًا تبادل الزيارات بين الأساتذة والطلاب لتعزيز تبادل المواهب.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تجارب وتقنيات الشركات الصينية في مجالات مثل الطاقة الشمسية والابتكار الرقمي في مكافحة التصحر، تحظى بمزيد من الاعتراف والاقتباس من قبل العديد من دول الشرق الأوسط. فقد تم التوصل إلى عدة اتفاقيات تعاون استراتيجية بين مركز التنمية النباتية ومكافحة التصحر في المملكة العربية السعودية (NCVC) وشركة تطوير الزراعة الوطنية (NADEC) مع أحد رواد صناعة مكافحة التصحر في الصين، مجموعة إي لي للموارد، لتوفير حلول مبتكرة لمكافحة التصحر في دول الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، تنتج شركة هوتيو المتخصصة في تصنيع شبكات الحماية من الرمال المصنوعة من البولي إيثيلين عالي الكثافة، حيث تبلغ القدرة الإنتاجية السنوية حوالي 10 ملايين متر مربع من الشبكات، وتصدر إلى العديد من الدول العربية مثل الجزائر وموريتانيا.
صرّح وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي عبد الرحمن الفضلي أن أكثر من 3 مليارات شخص حول العالم يتأثرون سنويًا بتدهور الأراضي، مما يؤدي إلى تفاقم قضايا الهجرة والاستقرار والأمن في العديد من المجتمعات ويتسبب في خسائر اقتصادية هائلة. تعمل الصين على مكافحة التصحر بشكل علمي لبناء حاجز أخضر، وهي مستعدة لمشاركة تجاربها في مجال مكافحة التصحر مع الدول العربية لدعم التنمية الخضراء العالمية.
بقلم: باي يوي