الاهتمام الكبير من المستثمرين يرفع الطلب على الذهب
كشف تقرير اتجاهات الطلب على الذهب للربع الثاني من عام 2025 الصادر عن مجلس الذهب العالمي أن إجمالي الطلب ربع السنوي على الذهب (بما في ذلك تداول الذهب خارج البورصة[1]) بلغ 1,249 طنًا، بزيادة قدرها 3% على أساس سنوي، في بيئة شهدت ارتفاعًا للأسعار. وقد قامت تدفقات الاستثمار القوية في الذهب بتعزيز النمو ربع السنوي بشكل كبير، حيث أدّت البيئة الجيوسياسية التي لا يمكن التنبؤ بها بشكل متزايد وزخم الأسعار إلى استمرار الطلب.
ظل الاستثمار في صناديق المؤشرات المتداولة على الذهب محركًا رئيسيًا لإجمالي الطلب، حيث بلغت التدفقات الداخلة 170 طنًا خلال هذا الربع من العام، مقارنةً بالتدفقات الخارجة الصغيرة في الربع الثاني من عام 2024. ساهمت الصناديق المُدرجة في آسيا بشكل كبير بما يعادل 70 طنًا، مواكبةً بذلك التدفقات الأمريكية.
وبالإضافة إلى التدفقات القياسية في الربع الأول، بلغ الطلب العالمي على صناديق المؤشرات المتداولة على الذهب 397 طنًا، وهو أعلى إجمالي في النصف الأول من العام منذ عام 2020.
كما ارتفع إجمالي الاستثمار في السبائك والعملات بنسبة 11% على أساس سنوي، مضيفًا 307 أطنان. وقد تصدّر المستثمرون الصينيون المشهد بزيادة ملحوظة بلغت 44% على أساس سنوي ليصل إجمالي مشترياتهم إلى 115 طنًا، بينما واصل المستثمرون الهنود تعزيز حيازاتهم، لتبلغ 46 طنًا في الربع الثاني.
ظهرت اتجاهات متباينة في الأسواق الغربية حيث زاد صافي الاستثمار الأوروبي بأكثر من الضعف ليصل إلى 28 طنًا بينما انخفض الطلب على السبائك والعملات في الولايات المتحدة إلى النصف ليصل إلى 9 أطنان في الربع الثاني.
استمرت البنوك المركزية في الشراء، وإن كان بوتيرة أبطأ، حيث أضافت 166 طنًا في الربع الثاني من عام 2025. على الرغم من هذا التباطؤ، إلا أن مشتريات البنوك المركزية لا تزال عند مستويات مرتفعة بشكل كبير بسبب استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي. يُظهر استطلاعنا السنوي للبنوك المركزية[2] أن 95% من مديري الاحتياطيات يعتقدون أن احتياطيات البنوك المركزية العالمية من الذهب ستزداد خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة.
واصل الطلب على المجوهرات الانخفاض، حيث تراجع حجم الاستهلاك بنسبة 14%، واقترب من المستويات المتدنية التي شهدناها في عام 2020 خلال جائحة كوفيد. كما انخفض الطلب على المجوهرات في الصين بنسبة 20%، وانخفض الطلب في الهند بنسبة 17% على أساس سنوي. ومع ذلك، فقد ارتفع سوق المجوهرات العالمي من حيث القيمة إلى إجمالي 36 مليار دولار أمريكي.
ارتفع إجمالي المعروض من الذهب بنسبة 3% ليصل إلى 1,249 طنًا، حيث سجل إنتاج المناجم زيادة طفيفة ليحقق رقمًا قياسيًا جديدًا في الربع الثاني. ارتفع معدل إعادة التدوير بنسبة 4% على أساس سنوي، ولكنه ظل منخفضًا نسبيًا بالنظر إلى بيئة الأسعار المرتفعة.
علَّقت لويز ستريت، كبير محللي الأسواق في مجلس الذهب العالمي على ذلك قائلةً:
“شهدت الأسواق العالمية بداية متقلبة لهذا العام اتسمت بالتوترات التجارية والتحولات غير المتوقعة في السياسة الأمريكية وتكرار التوترات الجيوسياسية. يؤكد النشاط الاستثماري القوي الذي شهدناه في النصف الأول من عام 2025 على دور الذهب كأداة تحوّط ضد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.
كما أدت التقلبات المستمرة في السوق، جنبًا إلى جنب مع الأداء المبهر لأسعار الذهب خلال الأشهر الأخيرة، إلى توليد زخم كبير، مما جذب رؤوس الأموال من المستثمرين في جميع أنحاء العالم.
“سجّل الذهب ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 26% في النصف الأول من العام بالقيمة الدولارية، متفوقًا بذلك على العديد من فئات الأصول الرئيسية. مع هذه البداية المبهرة لهذا العام، يُحتمل أن يتم تداول الذهب ضمن نطاق ضيق نسبيًا في النصف الأخير من عام 2025.
من ناحية أخرى، لا يزال المشهد الاقتصادي الكلي غير متوقع إلى حد كبير، مما قد يدعم المزيد من المكاسب للذهب. وقد يؤدي أي تدهور ملموس في الظروف الاقتصادية أو الجيوسياسية العالمية إلى زيادة جاذبية الذهب كملاذ آمن، مما قد يدفع الأسعار إلى مزيد من الارتفاع.”
أندرو نايلور، رئيس منطقة الشرق الأوسط والسياسات العامة في مجلس الذهب العالمي، علّق قائلاً:
جاء أداء الذهب في الشرق الأوسط خلال الربع الثاني من العام متوافقًا مع التوجهات العالمية، إذ تراجع الإقبال على المجوهرات الذهبية في المنطقة بنسبة 11% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، متأثراً بارتفاع الأسعار والتوترات الجيوسياسية التي أثّرت سلباً على معنويات المستهلكين. وقد شكلت إيران استثناءً بارزًا، حيث سجّل الطلب فيها نمواً بنسبة 12%، مدفوعاً بتحوّل المستهلكين إلى المصوغات الذهبية كخيار استثماري آمن.
شهد الاستثمار في السبائك والعملات الذهبية نمواً طفيفاً في المنطقة، بنسبة 4% على أساس سنوي، غير أن هذا الرقم يُخفي تبايناً ملحوظاً بين الأسواق. ففي الإمارات، دفع بحث المستثمرين عن الأمان المالي إلى زيادة الطلب بنسبة 18%، بينما شهدت أسواق أخرى عمليات جني أرباح مستمرة مدفوعة بصعود الأسعار.
بالنظر إلى النصف الثاني من عام 2025، من المتوقع أن يحافظ الذهب على مكانته في أسواق الشرق الأوسط، مع احتمال أن تدعم الضغوط السعرية المستمرة مستويات الطلب الاستهلاكي.