آرثر د. ليتل تسلّط الضوء على الحاجة المتزايدة لمدن الشرق الأوسط لتبني استراتيجيات شاملة للاستفادة من إمكانيات تقنية الجيل الخامس
الرياض – فريق التحرير
نشرت “آرثر دي ليتل”، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم، نتائج دراستها الجديدة التي أشارت في مضمونها إلى التحديات العديدة التي تواجهها المدن في منطقة الشرق الأوسط والناجمة عن التغيرات المجتمعية والتكنولوجية المتسارعة نتيجة النمو السكاني المتزايد وانتقال الناس للعيش في المدن الكبرى ومتطلبات البنية التحتية
إضافة إلى ارتفاع وتيرة الجرائم الإلكترونية والتلوث البيئي، وجميعها عوامل ولّدت حاجة متزايدة لتبني التقنيات الناشئة وحالات الاستخدام الرقمية الجديدة. وسلّط التقرير الذي حمل عنوان “هل مدينتك جاهزة للمضي قدماً في العالم الرقمي؟
كيف ستساهم حالات استخدام الجيل الخامس في إطلاق العنان للإمكانات الكاملة في المدن”، الضوء على أهمية المشاريع المستندة إلى تقنية الجيل الخامس في التغلب على هذه التحديات وغيرها مستقبلاً، فضلاً عن مساهمتها في تعزيز التنمية الاقتصادية عبر مختلف قطاعات الأعمال في المملكة. وقدم خبراء “آرثر دي ليتل” في الدراسة الجديدة العديد من وجهات النظر والأمثلة العملية التي تشرح بالتفصيل الفوائد التي ستوفرها تقنية الجيل الخامس لمدن الشرق الأوسط والمملكة في رحلتها نحو مواكبة متطلبات العالم الرقمي وإعادة تشكيل معالم الحياة الحضرية للسكان وتحسين منظومات وبيئات عمل الشركات، مما يوفر رؤى استراتيجية شاملة حول أهمية وجوب متابعة وتبني حالات استخدام هذه التقنية.
وتوضح الدراسة الجديدة أن أطر تنفيذ المشاريع المتعلقة بتقنية الجيل الخامس في المدن يجب أن ترتكز على معالجة نقطتين رئيسيتين. أولاً، يجب أن تقرر المدن أي من حالات استخدام الجيل الخامس التي تعتقد بأنها ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لها وما إذا كان ينبغي توفيرها من قبل الجهات المعنية في المدينة نفسها. ثانياً، يجب على المدن التغلب على تحديات البنية التحتية الخاصة بحالات استخدام ومشروعات الجيل الخامس من خلال بناء البنية التحتية المطلوبة أو دعم جهود مشغلي الاتصالات لتنفيذ هذه المهمة. وفي حالة عدم معالجة هذه المجالات، قد يفكر الناس والشركات في خيار الانتقال إلى مدن أخرى مع تراجع القدرة التنافسية وجودة الحياة نتيجة عدم مواكبة البنية التحتية التكنولوجية في مدينتهم للمتطلبات. ومع ذلك، يمكن للتطبيقات الجديدة القائمة على شبكة الجيل الخامس تقديم مساهمات قيّمة في مواجهة التحديات المذكورة أعلاه، مما يمنع المقيمين والشركات من البحث عن فرص في أماكن أخرى.
وقال أندريا فاجيانو، شريك ومسؤول القطاع المتعلق بالاتصالات والمعلومات والإعلام و الإلكترونيات في “آرثر دي ليتل” الشرق الأوسط والهند: “تواجه المدن في جميع أنحاء الشرق الأوسط تحديات عديدة تتمثل في النمو المتزايد لعدد السكان والتلوث البيئي والتمدن ومتطلبات البنية التحتية. وإذا ما استمرت هذه التحديات في التفاقم بالمعدلات الحالية، فمن المؤكد أن الكثير من الناس سيبحثون عن مكان آخر للعيش، وستعاني اقتصادات هذه المدن في حال قررت الشركات اتخاذ الخطوات ذاتها. ولكن لحسن الحظ، هذا السيناريو لم يظهر بعد، وهناك العديد من الأسباب التي تجعلنا متفائلين، وأحد هذه الأسباب هو شبكة الجيل الخامس وما تنطوي عليه من إمكانيات يمكن أن تساعد المدن في التغلب على مثل هذه المشكلات لتصبح أماكن جذابة للعيش ومزوالة الأعمال سواءً للأجيال الحالية اوالمستقبلية. ومن الأمور المشجعة أيضاً هي أن حالات استخدام الجيل الخامس بدأت تؤتي ثمارها في العديد من البلدان، التي باتت بمثابة مصدر إلهام للبلدان الأخرى. وفي الوقت الذي يضع فيه قادة المدن مخططاً لشبكة الجيل الخامس لتحقيق أهداف الاستدامة والتحول الرقمي، يمكنهم أن يستفيدوا من الأمثلة المميزة التي قدمتها المدن الأخرى للتعلم منها وإجراء التحسينات عليها عند الاقتضاء “.
وستتمكن المدن التي تنجح في تحديد استراتيجيات ذات أسس متينة لمشاريع الجيل الخامس من الارتقاء بمعايير وجودة حياة سكانها وتعزيز جاذبية الأعمال، إضافة إلى تطوير حالات الاستخدام الصناعية والعامة وتلك المتعلقة بنماذج الأعمال. من المتوقع أن تلعب تقنية الجيل الخامس دوراً محورياً في رقمنة قطاعات الأعمال في المملكة العربية السعودية. وتُعد كل من مدينة ينبُع الصناعية ومدينة الملك سلمان للطاقة (سباركSPARK – ) مشروعان واعدان في هذا الإطار، وتم الإعلان عن شراكات جديدة مع شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لبناء ودمج البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس لأغراض التصنيع المتقدمة. ويعتمد تعزيز مستويات المرونة ودفع الأتمتة المستمرة للروبوتات في مجالات التصنيع ونقل المستودعات على الإمكانات والحلول التقنية المتطورة، وستكون شبكة الجيل الخامس ضرورية لتعزيز هذا التقدم وتمهيد الطريق للموجة الجديدة من عمليات التصنيع الذكي أو ما بات يُعرف على نطاق واسع بالثورة الصناعية الرابعة (Industrial Revolution 4.0)، حيث تساهم التقنيات الرقمية الذكية في إحداث تحولات إيجابية في ممارسات ونماذج التصنيع التقليدية.
وعلى نحو مماثل، في دولة الإمارات العربية المتحدة، تشهد المنطقة الحرة في جبل علي تحولاً ملحوظاً في عملياتها من خلال تطوير وتنفيذ وتبني التطبيقات الذكية، بما في ذلك حلول المراقبة باستخدام الطائرات بدون طيار وأنظمة تحديد المواقع الجغرافية للموظفين. في الوقت نفسه، أصبحت واحة دبي للسيليكون مثالاً مميزاً كوجهة معترف بها ومشهود لها باحتضانها العديد من المشاريع المبتكرة للمدن وذلك من خلال استمرار التعاون بين القطاعين العام والخاص في إحداث تأثيرات ونتائج إيجابية. وإلى جانب هذه الشراكات التي تضمن مستوى عالٍ من التكامل التقني المناسب، شكّلت هذه المنطقة مركزاً للاختبار الناجح للمركبات ذاتية القيادة المستندة إلى شبكة الجيل الخامس.
ومن جانبه قال الدكتور ريموند خوري، شريك، ومسؤول قطاع التكنولوجيا الرقمية وإدارة الابتكار في “آرثر دي ليتل” الشرق الأوسط والهند: “تعكس هذه الأمثلة خارطة الطريق المستقبلية التي تنتهجها مدن الشرق الأوسط. فإلى جانب التركيز على معالجة التحديات المتعلقة بتعزيز الاستدامة، تعمل المدن الإقليمية على مواكبة التطورات والاحتياجات الجديدة والمتطلبات الخاصة بتنمية القدرات، وتساهم من خلال ذلك في خلق فرص عمل جديدة للمواهب الشابة ورسم مستقبل أفضل لمنظومات الأعمال في المستقبل. وبالتالي، ستساعد النتائج الإيجابية التي تحققها حالات الاستخدام هذه المدن على تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الإمكانات التي تَعِد بها تقنية الجيل الخامس. وستنجح بعض المدن في تطوير مشاريع مماثلة بناءً على نماذجها، مما سيجعلها أقرب إلى عصر جديد من الاستدامة “.
وتستكشف الدراسة الجديدة لـ “آرثر دي ليتل” أيضاً الإمكانات الواسعة التي تقدمها تقنية الجيل الخامس إضافة إلى العديد من حالات الاستخدام عبر القطاعات الوطنية الهامة مثل النقل العام، والسلامة العامة، والرعاية الصحية، والطاقة، والتعليم، والسياحة، وتجارة التجزئة، والإعلام، والزراعة. علاوة على ذلك، يستكشف التقرير المتطلبات التقنية الرئيسة للحلول المستندة إلى شبكة الجيل الخامس، بما في ذلك كفاءة الطيف، والاستجابة فائقة السرعة في نقل البيانات (الكمون المنخفض)، والكثافة العالية للأجهزة، ومعدلات البيانات العالية، وانخفاض استهلاك الطاقة، وعرض النطاق الترددي، إضافة إلى المستوى العالي من الموثوقية والأمان.
واختتم الدكتور خوري بالقول: “على الرغم من التحديات وحالة عدم اليقين التي تواجه المدن حالياً، إلا أن حالات الاستخدام والإمكانات الهائلة التي تنطوي عليها تقنية الجيل الخامس توفر آفاقاً واعدة من الفرص للسكان ومجتمعات الأعمال في السنوات المقبلة. ومن خلال الحرص على توظيف وتسخير حالات استخدام تقنية الجيل الخامس وتوفير الدعم اللازم لها، ستتمكن المدن من تسريع استراتيجيات تطوير البنية التحتية والاستفادة من الإيجابيات التي يمكن أن تتنتج عن ذلك. ولا شكَّ في أن تقنية الجيل الخامس تمثل فرصة فريدة للمدن لتعزيز كفاءة بنيتها التحتية والاستفادة من كامل إمكاناتها، مما يتيح لها التحول رقمياً إلى عصر “المدن الذكية” على نحو أسرع واكثر استدامة”.