آبل لم تكن بحاجة إلى الذكاء الاصطناعي.. لكنها بحاجة للصين لتخالف توقعات المحللين

أعلنت شركة آبل عن إيرادات فصلية قياسية بلغت 94 مليار دولار، متجاوزة بذلك التقديرات المتفائلة للمحللين التي توقعت رقمًا أقصى لا يتجاوز 92.1 مليار دولار، فيما رجّحت بعض التوقعات أن تهبط الإيرادات إلى 86.9 مليار فقط، هذا الأداء القوي تحقق دون الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التي ظن كثيرون أنها باتت ضرورية لمواصلة نمو الشركة، لتثبت آبل مرة أخرى قدرتها على مخالفة التوقعات من خلال ركائزها الأساسية.
الرئيس التنفيذي تيم كوك، الذي اعتاد التنزه في حرم “آبل بارك” بعد كل إعلان أرباح كنوع من الاسترخاء، ربما لم يجد هذه المرة حاجة إلى ذلك، في ظل هذه الأرقام المفاجئة، أما المحللون فقد اتجهت معظم تعليقاتهم إلى تبرير إخفاق التقديرات السابقة، دون أن يتراجعوا تمامًا عن موقفهم القائل إن الذكاء الاصطناعي لا يزال العامل الحاسم لمستقبل آبل.
في هذا السياق، جاءت تعليقات شركة Wedbush لتؤكد أن الذكاء الاصطناعي لا يزال “الفيل في الغرفة”، مشيرة إلى أن آبل تبدو وكأنها تراقب السباق من بعيد، ووصفت الشركة المشهد بقولها: “ثورة الذكاء الاصطناعي هي الأضخم منذ 40 عامًا، وآبل تجلس على مقعد في الحديقة تحتسي عصير الليمون، بينما تتسابق باقي شركات التكنولوجيا الكبرى كأنها في مضمار فورمولا 1”.
قبل إعلان النتائج، كانت نغمة أغلب التقارير هي أن آبل لن تستطيع تحقيق نتائج إيجابية دون تسريع مشاريع الذكاء الاصطناعي. أما الآن، فتحولت النغمة إلى أن الاستمرار في هذا الأداء القوي لن يكون ممكنًا ما لم تسرع آبل جهودها في هذا الاتجاه، وشركة TD Cowen، على سبيل المثال، أعادت التأكيد على أن لدى آبل فترة لا تزيد عن 18 شهرًا للعودة إلى صدارة هذا القطاع.
رغم كل ذلك، فإن مصادر نجاح آبل هذا الربع جاءت من اتجاهات مختلفة، أولًا، قطاع آيفون حقق نموًا لافتًا بنسبة 13.5% على أساس سنوي، وهي النسبة الأعلى منذ عام 2021. وأرجع كوك هذا الأداء إلى الشعبية الكبيرة التي حظيت بها عائلة آيفون 16، مشيرًا إلى أنها حققت نموًا مزدوج الرقم مقارنة بعائلة آيفون 15.
كما ساهم إصدار iPhone 16e، الذي صدر في الربع الأول من العام، في دعم هذه النتائج، خاصة أنه لا يوجد إصدار مكافئ له في نفس الفترة من 2024، حيث كانت هواتف SE السابقة قد بدأت تظهر علامات التقادم.
ثانيًا، السوق الصينية لعبت دورًا حاسمًا في تعزيز إيرادات الشركة، بعد سنوات من التراجع، فقد شهد هذا الربع انتعاشًا غير متوقع في المبيعات داخل الصين، مدفوعًا بدعم حكومي على شكل حوافز وتحفيزات اقتصادية، الأمر الذي انعكس مباشرة على مبيعات الأجهزة.
كما سجلت آبل مفاجأة أخرى بانخفاض فواتير التعرفة الجمركية إلى 800 مليون دولار، وهو أقل بـ100 مليون مما كانت الشركة قد خصصته لهذا البند.
في قطاع الخدمات، الذي يشمل iCloud وApple TV+، واصل النمو بوتيرة ثابتة، رغم التعديلات الأخيرة التي فرضتها التسويات القضائية في قضية Epic Games.
فقد سجلت إيرادات القطاع 27.4 مليار دولار، بزيادة 13% على أساس سنوي، وهو رقم قياسي جديد في تاريخ الشركة، ورغم أن التأثير الكامل للتغييرات في متجر التطبيقات لم يظهر بعد، فإن نتائج الخدمات الإجمالية أخفت أي تراجع محتمل في هذا المجال.
أما في فئة الأجهزة القابلة للارتداء، فقد سجلت الشركة 7.4 مليار دولار من العائدات، دون أن تحقق قفزات كبرى، إلا أن ما لفت الانتباه هو النمو القياسي في عدد مستخدمي Apple Watch الذين قاموا بترقيتها إلى إصدار أحدث.
ورغم أن الشركة لم تشر إلى دخول عدد كبير من المستخدمين الجدد أو التحول من منافسين، إلا أن هذا الاتجاه يعكس استمرار الولاء للمنتج، ورغبة المستخدمين في الترقية بدلًا من التخلي.
اقرا ايضا: القصة الكاملة لمعركة الاتصال الفضائي بين آبل وإيلون ماسك
في المجمل، أثبتت آبل أنها لا تحتاج في الوقت الحالي إلى الذكاء الاصطناعي بقدر ما تحتاج إلى استمرار نجاحها في الأسواق التقليدية، وعلى رأسها الصين، إلى جانب تطوير أجهزتها وخدماتها الحالية.
لكن التحديات القادمة وعلى رأسها المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي تفرض على الشركة تسريع وتيرة الابتكار في هذا المضمار، خاصة مع اقتراب إطلاق سلسلة آيفون 17، التي قد تحمل أولى ثمار هذه الجهود.
وبرغم النقد، فإن آبل ما زالت على المسار الصحيح، وتواصل اللعب على المدى الطويل بثقة، حتى لو لم تنضم بعد إلى سباق الفورمولا في الذكاء الاصطناعي.