معرض الصين والدول العربية يرسم إطارا جديدا للتعاون

سيُعقد المعرض السابع للصين والدول العربية في مدينة ينتشوان بمنطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي من 28 إلى 31 أغسطس. ويقام المعرض هذا العام تحت شعار “الابتكار، الخضرة، الازدهار”.
ومنذ عام 2013، نُظم المعرض بنجاح ست دورات، شاركت فيها أكثر من 7500 شركة محلية ودولية، وأبرمت خلالها مشاريع تعاون متنوعة تغطي مجالات عدة، منها: الزراعة الحديثة، التكنولوجيا الفائقة، الطاقة والبتروكيماويات، الصناعات الدوائية الحيوية، تصنيع المعدات، البنية التحتية، والتعاون السياحي. ويساهم تنظيم المعرض في دفع التعاون الصيني-العربي في مجالي التجارة والاستثمار نحو تحقيق تطورات جديدة.
شهد التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية في السنوات الأخيرة نتائج بارزة، وتميز بأربع سمات رئيسية:
أولاً: الارتقاء المستمر بمستوى التجارة.
بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية في عام 2024 نحو 407.4 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 2.3% على أساس سنوي، حيث بلغت صادرات الصين إلى الدول العربية 206 مليار دولار، فيما بلغت وارداتها من الدول العربية 201.4 مليار دولار. وظلت الصين لسنوات متتالية أكبر شريك تجاري للدول العربية. وقد أصبحت منتجات مثل الجمبري الأبيض السعودي والبرتقال الطازج المصري وزيت الزيتون التونسي والسمسم السوداني تحظى بإقبال متزايد من المستهلكين الصينيين.
ثانياً: تنامي الاستثمارات المتبادلة باستمرار.
قامت الشركات الصينية بإنشاء عدد من المناطق الصناعية في كل من مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ونفذت مجموعة من المشاريع الإنتاجية مثل صهر المعادن وتصنيع مواد البناء ومعالجة الغزل القطني وتربية الأحياء المائية، مما أسهم في دعم التحول الاقتصادي نحو التنويع في الدول العربية.
وفي المقابل، سعت صناديق الثروة السيادية والشركات العربية إلى الاهتمام بالإستثمار في الصين في مجالات مثل البتروكيماويات والطاقة الجديدة والتكنولوجيا، محققة بذلك تعاوناً متبادلاً ومنافع مشتركة للجانبين.
ثالثاً: ثمار وفيرة في التعاون في مجال البنية التحتية.
ظلت الشركات الصينية تشارك بفاعلية في مشاريع البناء بدول العالم العربي، حيث توسعت هذه المشاريع تدريجياً من البناء التقليدي للمساكن والطرق والجسور إلى مجالات أوسع تشمل السكك الحديدية الفائقة السرعة، محطات توليد الكهرباء، خطوط أنابيب النفط، الاتصالات والموانئ، مع ارتفاع مستمر في مستوى التكنولوجيا والمعدات.
وقد أنجز الجانبان عدداً من المشاريع البارزة ذات الطابع الرمزي، مثل محطة الشعيبة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في السعودية، والمنطقة التجارية المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر، والطريق السيار شرق–غرب في الجزائر، والمرحلة الثانية من محطة الحاويات في ميناء خليفة بالإمارات.
رابعاً: ظهور الإنجازات للتعاون في المجالات الناشئة.
يسعى الجانبان الصيني والعربي بنشاط إلى توسيع إمكانات التعاون في المجالات المستقبلية مثل التجارة الإلكترونية، الحوسبة السحابية، الذكاء الاصطناعي، التنمية الخضراء منخفضة الكربون، والتكنولوجيا المالية. وقد قامت الشركات الصينية بإنشاء شبكات الجيل الخامس التجارية في الدول العربية، مما عزز مستوى التحول الرقمي هناك. كما بدأت منصات التجارة الإلكترونية الصينية تدريجياً دخول أسواق السعودية ومصر والمغرب، الأمر الذي سهل حياة السكان المحليين.
تواصل العلاقات الصينية-العربية تطورها السريع والمستقر، لتصبح نموذجاً يُحتذى به في التعاون مع دول الجنوب وفي تحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك. وقد أسس المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية مع الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية “الغرفة التجارية الصينية-العربية المشتركة”، وأبرم حتى الآن مذكرات تفاهم للتعاون مع 45 جهة نظيرة في 19 دولة عربية، مما أرسى آلية شاملة ومتعددة المستويات للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية.
وباعتباره منصة مهمة للتعاون الاقتصادي والتجاري الصيني-العربي، لا يُعد المعرض السابع للصين والدول العربية مجرد نافذة لعرض التجارة والاستثمار الثنائية، بل يُشكل أيضاً ساحة عملية لتعميق التعاون مع دول الجنوب .
فعلى مدى عشر سنوات، شهد المعرض توسع التعاون الصيني-العربي باستمرار، من التجارة التقليدية للسلع إلى مجالات متقدمة مثل الطاقة الجديدة، الاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، حيث ازدادت مضامين التعاون ثراءً وتنوعت مستوياته. ولا سيما في ظل الريادة في مجالي التنمية الخضراء المنخفضة الكربون والتكنولوجيا الفائقة، يتجلى التعاون الصيني-العربي في مشهد جديد يتسم بقيادة الابتكار، وتكامل الهياكل، وتحقيق الأزهار المشترك.
وأمام حالة عدم اليقين التي يشهدها الاقتصاد العالمي والتحديات المشتركة في التحول الطاقي، فإن التعاون الاقتصادي والتجاري الشامل بين الصين والدول العربية لا يلبي فقط حاجات تنمية الطرفين، بل يضخ أيضاً الاستقرار والحيوية في منظومة الحوكمة العالمية. ومن المتوقع أن يفتح المعرض في نسخته الحالية آفاقاً أوسع للتعاون بين الصين والدول العربية، ويدفع الجانبين معاً نحو مستقبل أكثر انفتاحاً، وتبادلاً للمنافع، واستدامة في التنمية.
بقلم: باي يوي إعلامي صيني