مقالات

رؤية السعودية 2030 تتناغم مع مبادرة “الحزام والطريق”

بقلم: باي يوي وجيه إعلامي صيني

من المقرر أن تُعقد قمة مجموعة العشرين لعام 2024 في ريو دي جانيرو، بالبرازيل، في الفترة من 18 إلى 19 نوفمبر، حيث سيلتقي ممثلو الدول الأعضاء، بما في ذلك الصين والسعودية، للتباحث حول خطط التنمية المستقبلية.

وتتمتع الاقتصادات بين البلدين بتكامل قوي وإمكانات كبيرة للتعاون. ومنذ عام2013، أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للسعودية، وزاد حجم التجارة الثنائية بنسبة 61٪ خلال السنوات العشر الماضية. وتعتبر السعودية واحدة من الموردين الرئيسيين للنفط الخام للصين، وظلت أكبر شريك تجاري للصين في منطقة الشرق الأوسط لأكثر من 20عامًا.

الحزام والطريق والتحولات الجيو-سياسية

وحاليًا، تشهد الدولتان تنسيقا متعمقا بين استراتيجياتهما التنموية، وشملت نتائج هذا التنسيق مصفاة ينبع ومُجمع الإيثيلين في غولي، ومنطقة التجمع الصناعي في جيزان ومشروع البنية التحتية العامة في البحر الأحمر، والتعاون في اتصالات الجيل الخامس واستكشاف القمر.

وخلال القمة الصينية العربية الأولى، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ على ضرورة توسيع التعاون في مجالات التجارة الإلكترونية والاقتصاد الرقمي والطاقة النظيفة والتكنولوجيا الفائقة وتطوير تكنولوجيا الفضاء، مما أعطى دفعة قوية لتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والسعودية.

وقد أشار بعض المحللين إلى أنه إذا كانت “رؤية 2030” السعودية عبارة عن لوحة فسيفساء ضخمة، فإن العناصر الصينية هي بالتأكيد قطعة لا غنى عنها.

ومع تعزيز التوافق بين رؤية السعودية 2030 ومبادرة “الحزام والطريق” الصينية، يتوسع التعاون الصناعي بين البلدين من مجالات الطاقة التقليدية إلى مجالات متعددة مثل الطاقة الجديدة، وصناعة السيارات، والاقتصاد الرقمي وغيرها.

أولى عدد متزايد من الشركات الصينية اهتماما بفرص النمو في السعودية، ما يساهم في دعم تحول الاقتصاد السعودي وترقيته، ودعم مبادرات رئيسية مثل “رؤية 2030″ و”الشرق الأوسط الأخضر”.

وفي نفس الوقت، تواصل الحكومة السعودية والشركات السعودية الاهتمام بالسوق الصينية وتقدير الفرص الجديدة التي يوفرها النمو الصيني على الساحة العالمية، مع استمرار التعاون الصناعي بين البلدين في مجالات مثل الطاقة والتكنولوجيا المتقدمة.

ويُعتبر مشروع الطاقة الشمسية بقدرة 2.6 جيجاواط في العُلا، الذي تنفذه شركة “قزوبا” الصينية، أكبر محطة للطاقة الشمسية قيد الإنشاء في العالم، وعند اكتماله سيقلل انبعاثات الكربون بنحو 3.12 مليون طن سنويًا، وهو مشروع رئيسي في تحول الطاقة السعودي.

ثمار التنسيق الصيني السعودي

وخلال مؤتمر “مبادرة الاستثمار في المستقبل”، وقعت شركة “أكوا باور” السعودية للطاقة اتفاقية تعاون بحثي مع إدارة لوجياتسوي بشانغهاي، حيث سيستثمر الطرفان 54 مليون دولار أمريكي لإنشاء مركز أبحاث في شانغهاي يركز على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتخزين الطاقة والهيدروجين الأخضر وتكنولوجيا تحلية المياه.

كما تتعاون شركات التكنولوجيا الصينية بشكل مثمر مع الجانب السعودي في مجالات البيانات الضخمة والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وتطوير المدن الذكية، مما يسهم في دعم التحول الرقمي للاقتصاد السعودي.

وقامت شركة الاتصالات السعودية وعلي بابا كلاود الصينية بتأسيس شركة الحوسبة السحابية السعودية (مشروع مشترك سعودي صيني)، حيث توفر علي بابا كلاود الدعم التقني للحوسبة السحابية.

حتى الآن، افتتحت الشركة مركزين للبيانات في العاصمة الرياض، وهي السحابة العامة الأكبر في السعودية، وقد حصلت على الدرجة الأعلى من الفئة C، مما يعني أن أمانها وموثوقية خدماتها قد تم الاعتراف بهما من قِبل الهيئات الرسمية، وتتمتع بأعلى سلطات الخدمة في السوق السعودية.

وفي السنوات الأخيرة، شهد السوق المالي السعودي نموًا سريعًا، وأصبحت العاصمة الرياض واحدة من المراكز المالية في منطقة الشرق الأوسط. في هذا السياق، تتطور التعاونات المالية بين الصين والسعودية باستمرار، مما يوفر المزيد من الفرص لتيسير التجارة والاستثمار بين البلدين وتعزيز تدويل الرنمينبي الصيني.

حيث وقع فرع البنك الصناعي والتجاري الصيني في الرياض مذكرة تفاهم للتعاون مع مركز التخصيص السعودي، واتفاقية تعاون في مجال الأعمال باليوان مع مجموعة عجلان السعودية، مما يعزز تدويل الرنمينبي الصيني ويوفر المزيد من الشروط الملائمة للتنمية المتعمقة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والسعودية.

وفي مارس 2023، نجح بنك التصدير والاستيراد الصيني والبنك الأهلي السعودي في تنفيذ أول قرض باليوان، مما يشير إلى ترقية جديدة في التعاون بين المؤسسات المالية في البلدين.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل اتخذ البلدان عدة إجراءات من خلال التعاون في مجال التعليم وتبادل الوفود التعليمية لتعزيز القدرات التعليمية في تدريس اللغة الصينية، مما يزيد من الفائدة المتبادلة. حاليًا، توجد في السعودية أربع جامعات تقدم تخصص اللغة الصينية، وأول معهد كونفوشيوس معتمد قد بدأ عملياته في يونيو 2023.

وبالإضافة إلى ذلك، تزداد التبادلات الشعبية بين الصين والسعودية كثافةً، وأعلنت المملكة العربية السعودية عن اعتمادها لتكون وجهة سياحية رسمية للسياح من جمهورية الصين الشعبية، وتم استخدام اللغة الصينية على لافتات مطار الرياض الدولي، وتوسيع استخدام اللافتات باللغة الصينية في الأماكن السياحية الرئيسية، مما يسهم في تعزيز التبادل الثقافي بين الصين والسعودية.

ويعتقد السفير السعودي لدى الصين، السيد عبدالرحمن الحربي، أن العلاقات بين السعودية والصين تُعد نموذجاً للتطور في العلاقات الدولية المعاصرة. ففي ظل الأوضاع الدولية المعقدة والمتغيرة، يواصل البلدان تعزيز التعاون وتوسيع آفاق التنمية، مما يعود بالنفع الكبير على حياة الشعبين.

بقلم: باي يوي وجيه إعلامي صيني

اقرأ ايضا “التلاقي الحضاري” بين الصين والدول العربية في العصر الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى