حظر تيك توك في مصر…. بين المخاوف من المحتوى وحماية الشباب
ما هي الأسباب والدوافع وراء هذه الدعوات؟"
على مدار السنوات الأخيرة، ومع تزايد عدد مستخدمي “تيك توك” في مصر الذين ينشرون محتوى غير ملائم بحثاً عن المزيد من المشاهدات والثراء السريع، شهد القضاء المصري العديد من القضايا التي أدت إلى فرض عقوبات بالسجن والغرامة على بعض الأفراد الذين أساءوا استخدام التطبيق.
تتعدد الأسباب التي تدعو إلى حظر “تيك توك” في مصر، حيث يعتبر بعض النواب في البرلمان والخبراء أن التطبيق يشكل تهديداً للشباب بسبب المحتوى “غير المناسب” الذي يُروج له بهدف تحقيق الأرباح، مما قد يؤثر سلباً على القيم الأخلاقية والثقافية. كما يعبر هؤلاء عن مخاوفهم من استخدام التطبيق في نشر الشائعات والأخبار الزائفة، مما قد يهدد الأمن القومي.
تزايدت المطالبات بحجب تطبيق تيك توك في مصر، حيث اعتبره البعض مشكلة تتطلب العلاج من خلال الحظر.
تتزايد المطالب داخل أروقة البرلمان المصري يوماً بعد يوم لحجب وإغلاق تطبيق “تيك توك” بشكل نهائي، حيث يُعتبر “المنصة الأكثر فساداً” وفقاً للعديد من الآراء. يُزعم أن محتوى التطبيق يتعارض مع قيم المجتمع وأخلاقياته، ويخالف العادات والتقاليد، مما يجعله يشكل تهديداً للأطفال والمراهقين.
تحليل لردود الفعل الشعبية والرسمية
في نوفمبر الماضي، قدم النائب المصري عصام دياب طلب إحاطة يدعو فيه إلى حجب التطبيق، مشيراً إلى أنه “ساهم في ظهور نوع جديد من ضخ رؤوس الأموال غير المعروفة المصدر، وفتح سوق موازية للأموال المشبوهة التي تفتقر إلى أي ضوابط أو قوانين تنظم حركة الأموال بين المستخدمين والممثلين”، مما أدى إلى ازدهار فئة جديدة تعتمد على “تيك توك” كمصدر رئيسي للدخل.
لم يكن طلب الإحاطة المقدم هو الأول من نوعه، حيث سبق أن تقدمت النائبتان إيناس عبدالحليم وأميرة أبو شقرة بطلبات لإغلاق التطبيق بعد تعرض أحد الطلاب لحادث أدى إلى إصابته بـ”شلل رباعي” نتيجة مشاركته في تحدٍ شائع على التطبيق في عام 2021. كما حذرت البرلمانية جيهان البيومي من محتوى بعض الفيديوهات التي تحمل رسائل تهدد المجتمع، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة تصوير الفيديوهات بين الطلاب في المدارس.
وفقًا للإحصاءات الرسمية الصادرة عن شركة “بايت دانس” الصينية، المالكة لتطبيق “تيك توك“، فإن التطبيق يحظى بشعبية كبيرة بين شريحة واسعة من المصريين، حيث بلغ عدد مستخدميه 32.94 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 18 عامًا أو أكثر في مصر في بداية العام الحالي. وسجلت إعلانات التطبيق 46.7% من جميع البالغين الذين تتجاوز أعمارهم 18 عامًا في مصر في نفس الفترة، كما وصل معدل وصول إعلانات المنصة إلى 40.2% من قاعدة مستخدمي الإنترنت المحليين في مصر، بغض النظر عن العمر.
بينما يعتقد بعض المتخصصين أنه من الضروري حجب التطبيق وإغلاقه بشكل نهائي للحد من مخاطره وأضراره على المجتمع، بالإضافة إلى دوره في “كشف السلبيات والعيوب والتشوهات” الموجودة فيه، مما يفتح المجال للانحراف بين فئات مختلفة، يرى آخرون أن التوعية التكنولوجية هي الوسيلة الأكثر فعالية لمواجهة الآثار السلبية الناتجة عنه، بدلاً من اللجوء إلى “الحجب والإغلاق”.
ومن الجدير بالذكر أن التطبيق قد تم حظره في عدة دول، مثل أستراليا وتركيا وفرنسا وبلجيكا والدنمارك والهند ونيوزيلندا.
في المقابل، نفى خبراء تكنولوجيا المعلومات إمكانية حجب تيك توك في مصر، مشيرين إلى عدم وجود توترات بين مصر ودول أخرى، كما هو الحال بين الولايات المتحدة والصين، حيث تم استخدام التطبيق في عمليات تجسس. وأكدوا أن أي قرار بهذا الشأن سيكون من قبل الجهات الأمنية المختصة لحماية الأمن القومي.
صرخة إنذار أم مجرد ضجيج
كما أوضح الخبراء أن التطبيق لا يشكل تهديدًا للأمن القومي أو يتسبب في أي اختراقات، وفقًا لما ذكرته وسائل الإعلام المصرية.
أكد أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات استجاب لتوصية اللجنة بإقرار ضوابط جديدة تهدف إلى حماية الثوابت والقيم الراسخة في المجتمع المصري، فيما يتعلق بمحتوى الحسابات والصفحات على منصة تيك توك.
وشددت اللجنة على أهمية البدء الفوري في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمتابعة الصفحات على تيك توك التي تقدم محتوى غير حقيقي من خلال الفيديوهات أو البث المباشر، مما يسهم في نشر الفسق والفجور، خاصة بين فئات الشباب،
كما أشار رئيس لجنة الاتصالات إلى أنه عقد اجتماعًا مع مسؤولي الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لمناقشة ما يتردد حول إمكانية إغلاق أو حظر تيك توك في مصر بحلول أكتوبر المقبل، مؤكدًا أن مسؤولي الجهاز نفوا هذه الشائعات.
وفي هذا السياق، يقول المهندس إيهاب سعيد، عضو شعبة الاتصالات بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية: “رغم أن حجب تطبيق مثل (تيك توك) قد يكون ممكناً من الناحية التقنية، إلا أن السؤال الأهم هو ما إذا كان ذلك سيحل المشكلة بشكل فعلي، حيث قد يلجأ المستخدمون إلى وسائل أخرى للوصول إلى التطبيق أو استخدام تطبيقات مشابهة.”
وأضاف سعيد أن الحل الأمثل يكمن في وضع ضوابط ورقابة على المحتوى، بالإضافة إلى تعزيز الوعي لدى المستخدمين، وخاصة الشباب، حول المخاطر المحتملة لاستخدام مثل هذه التطبيقات.
أكد سعيد أن “تيك توك” أصبح جزءاً أساسياً من حياة الشباب في مصر، حيث يستخدمه ملايين الأشخاص يومياً ويحقق شعبية كبيرة. ومع تقدير عدد مستخدميه بالملايين، فإن حظره قد يؤدي إلى استياء واسع، خصوصاً بين الفئات العمرية الأصغر.
أكد خبير أمن المعلومات المهندس وليد حجاج أن حجب تطبيق مثل تيك توك ليس بالأمر السهل كما يعتقد البعض. وأوضح الفرق بين “الإغلاق” و”الحجب”، حيث أن الإغلاق يعني إيقاف التطبيق بشكل كامل من قبل الشركة المطورة، وهو أمر نادر الحدوث. بينما الحجب يعني منع الوصول إلى التطبيق في دولة معينة.
لكن لماذا يصعب حجب تطبيقات مثل تيك توك؟ هناك عدة أسباب:
1. **البنية التحتية المعقدة للتطبيقات**: على عكس المواقع الإلكترونية التي تمتلك عنوان IP ثابت، تعمل التطبيقات عبر بروتوكولات متعددة، مما يجعل عملية حجبها أكثر تعقيدًا.
2. **انتشار برامج الـVPN**: حتى في حال تم حجب التطبيق، يمكن للمستخدمين استخدام برامج الـVPN لتجاوز الحجب والوصول إلى التطبيق.
3. **التكلفة العالية**: تتطلب عملية حجب تطبيق كبير مثل تيك توك موارد فنية كبيرة وتكاليف مرتفعة.
ما هي البدائل المتاحة؟ يشير الخبير إلى أن الحل الأمثل هو التعاون مع الشركات المطورة للتطبيقات، حيث يمكن لهذه الشركات أن تقوم بحجب التطبيق داخل دولة معينة بناءً على طلبها، ولكن هذا يتطلب مفاوضات طويلة وشروطًا محددة.
في الختام، أكد المهندس وليد حجاج أن حجب تطبيق مثل تيك توك ليس بالأمر السهل.