اقتصاد

السعودية تسرّع طموحاتها الفضائية باستثمارات قدرها 220 مليون دولار، وفقاً لتقرير صادر عن شركة بوسطن كونسلتينغ جروب

فيصل حمادي، المدير مفوض والشريك بشركة بوسطن كونسلتينغ جروب

تعزز استثمارات السعودية المتنامية دورها المحوري في قيادة دول مجلس التعاون لاقتصاد الفضاء.

تبلغ قيمة سوق الفضاء في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا 18 مليار دولار أمريكي، وفقاً لتقرير صدر حديثاً عن شركة بوسطن كونسلتينغ جروب بعنوان“الحكومات في الفضاء: عالم مليء بالفرص“. وتشكل قطر، إلى جانب الإمارات والسعودية، الركيزة الأساسية للاستثمارات المدنية في الفضاء بالمنطقة، حيث يساهم كل منها بشكل نشط في بروز دول مجلس التعاون كمركز رئيسي للابتكار والطموح الفضائي.

تخطو المملكة العربية السعودية بخطوات واسعة نحو تحقيق طموحاتها الفضائية، حيث استثمرت حوالي 220 مليون دولار في الأنشطة الفضائية المدنية في عام 2024.

ويمثل هذا الاستثمار حصة تقدر بنحو 20-25% من الإنفاق الحكومي على الفضاء في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، مما يعزز دور المملكة المتنامي في رسم ملامح المشهد الفضائي في المنطقة. ومن المتوقع أن تستحوذ على أكثر من 20% من سوق الخدمات التشغيلية إقليمياً.

كما استثمرت الإمارات 443 مليون دولار في الفضاء المدني لعام 2024، أي ما يعادل نحو 40–45% من الإنفاق الحكومي على مستوى المنطقة، ما يؤهلها للاستحواذ على أكثر من 50% من سوق الخدمات التشغيلية، بما يشمل الاتصالات عبر الأقمار الصناعية ورصد الأرض.، وتشكّل نحو 70% من سوق الفضاء عالمياً.

أما قطر فاستثمرت مبلغاً مماثلاً قدره 220 مليون دولار، مسهمةً بنحو 5% من السوق وحصة تقل قليلاً عن 5% من سوق الخدمات التشغيلية، مما يعزز الزخم الجماعي لدول مجلس التعاون.

وحول هذا الأمر، تحدث فيصل حمادي، المدير مفوض والشريك بشركة بوسطن كونسلتينغ جروب، قائلاً: “يعكس الموقع الريادي لدولة الإمارات العربية المتحدة في سوق الفضاء بالشرق الأوسط التزاماً يمتد لأكثر من عقد من الزمان بالاستثمارات الاستراتيجية في مجال الفضاء والتي توازن بين رؤية القطاع العام وابتكارات القطاع الخاص.

ونظرا لأن قطاع الخدمات التشغيلية يمثل 70% من السوق العالمي، فضلا عن الميزة النسبية للإمارات في الاستثمار، فإننا نرى نموذجاً واضحاً على كيفية ترجمة الدعم الحكومي المستدام لأنشطة الفضاء المدني إلى ترسيخ الريادة في السوق”.

ومن المتوقع أن تنمو الأسواق الثلاثة جميعها بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 5% أو أكثر حتى عام 2033، وهو نفس معدل نمو اقتصاد الفضاء العالمي، مما يؤكد التزام المنطقة المستمر وزخمها على المدى الطويل.

البرامج الوطنية التي تحقق عوائد قوية

يحدد التقرير إمكانية تحقيق عائد كبير على الاستثمار من برامج الفضاء الرائدة في الإمارات، والتي تشمل MBZ-SAT، ومسبار الأمل، ومبادرة القمر الاصطناعي العربي 813، مع إمكانية أن يصل العائد التقديري على الاستثمار إلى 3-4 أضعاف.

حيث تتوافق هذه البرامج مع ستة عوامل أساسية للنجاح تم تحديدها في تحليلات شركة بوسطن كونسلتينغ جروب، وهي: الالتزام الاستراتيجي طويل الأجل، والشراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص، وتنويع المحفظة، وثقافة تقبّل الفشل، واستراتيجية الانخراط العالمي، ودمج السياسات الرقمية مع مجال الفضاء.

كما يشدد التقرير على أهمية الشراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص في تسريع وتيرة تطوير قطاع الفضاء، حيث تظهر شراكات السعودية مع وكالة ناسا وشركة أكسيوم، إلى جانب مشاركة القطاع الخاص من جهات مثل مجموعة Neo Space، مدى نجاح وفعالية نماذج الاستثمار الهجين.

ويلعب القمر القطري سهيل سات دوراً في غاية الأهمية في الاتصالات الإقليمية عبر الأقمار الصناعية، في حين يُعد مسبار الأمل الإماراتي مثالاً بارزاً على نجاح أطر التعاون الدولي.

“ما نشهده هنا من دول مجلس التعاون هو وعي متكامل بأن نجاح قطاع الفضاء يتطلب التميز المتزامن عبر عدة محاور: الالتزام المالي، واستراتيجية الشراكات، وإدارة المخاطر، وتكامل السياسات، مع التحلي بالصبر لتحقيق عوائد طويلة الأجل في بيئة عالمية سريعة التطور”، وفق ما يراه تيبو فيرل، المدير المفوض والشريك في شركة بوسطن كونسلتينغ جروب.

نظرة نحو المستقبل: التكامل بين المجال الرقمي وقطاع الفضاء

يحدد تقرير شركة بوسطن كونسلتينغ جروب عملية الدمج بين السياسات الرقمية والفضاء كعامل بالغ الأهمية لتحقيق النجاح، حيث يسلط الضوء على كيفية إسهام النطاق العريض عبر الأقمار الصناعية في تعزيز الشبكات الأرضية، ودور مجموعات الأقمار الصناعية في المدار المنخفض في دعم الجيل التالي من الاتصالات، واستخدام بيانات رصد الأرض في صياغة القرارات المتعلقة بالسياسات.

كما تساهم المضاعفات الاقتصادية الناتجة عن تكنولوجيا الفضاء في تطوير تطبيقات تشمل المركبات ذاتية القيادة والمدن الذكية، مما يخلق أثراً اقتصادياً أوسع نطاقاً يتجاوز قطاعات الفضاء والطيران التقليدية.

وللاستفادة من هذا الزخم، يوصي التحليل بأن تركز دول الفضاء الناشئة على التميز في مجالات متخصصة، والاستفادة من الشراكات الدولية، وبناء القدرات التنظيمية في وقت مبكر، والاستثمار في برامج تنمية المواهب طويلة الأجل.

وبالنسبة لدول مثل الإمارات والسعودية، يتحول التركيز إلى تسريع نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز تجمعات الابتكار، وقيادة التعاون الدولي، وتعظيم أوجه التكامل بين تقنيات الفضاء والتقنيات الأرضية.

ونظرا لأن مشاريع الفضاء تتطلب جداول زمنية تزيد على العقد من الزمان والتزامات رأسمالية ضخمة، فإن نهج الاستثمار المستدام في المنطقة يضعها في موضع جيد لمواصلة النمو في اقتصاد الفضاء العالمي الذي تقدر قيمته بمئات المليارات من الدولارات على مستوى العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى