أخبار عامة

الذكاء الاصطناعي يمهد الطريق لقوى عاملة أكثر كفاءة واستعداداً

محمد ميسرة،  الخبير الاستشاري لحلول الأعمال في القطاع الحكومي لدى ساس

بقلم: محمد ميسرة،  الخبير الاستشاري لحلول الأعمال في القطاع الحكومي لدى ساس

في ظل تسارع وتيرة التحوّل الرقمي في دولة الإمارات العربية المتحدة عبر المبادرات الوطنية مثل رؤية الإمارات 2031، ومئوية الإمارات 2071، واستراتيجية الثورة الصناعية الرابعة، بات تخطيط القوى العاملة يتصدر أولويات الدولة.

ومع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والأتمتة والتقنيات الرقمية، تتغير متطلبات سوق العمل، ما يستدعي من الشركات والحكومات مراجعة آليات تطوير المواهب والحفاظ عليها. فبدون تبنّي نهج مبني على البيانات، قد يعرقل النقص في الكفاءات بالقطاعات عالية الطلب، مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والطاقة المتجددة، مسيرة النمو الاقتصادي على المدى البعيد.

كما تضفي سياسات التوطين مزيداً من التعقيد، حيث تواجه المؤسسات تحدي الموازنة بين تطوير الكفاءات الوطنية وتعزيز قدرتها التنافسية الاقتصادية. يشهد سوق العمل تطوراً بوتيرة غير مسبوقة، وبينما تعيد الأتمتة تشكيل المهارات المطلوبة، يصعب الاحتفاظ بالكفاءات في ظل ارتفاع معدلات تنقّل القوى العاملة. تستدعي مواجهة هذه التحديات تبني رؤى مستقبلية تتخطى الأساليب التقليدية في تخطيط القوى العاملة.

قوة دمج البيانات في تعزيز كفاءة القوى العاملة

توفر تحليلات القوى العاملة للحكومات والشركات القدرة على اتخاذ قرارات مدعومة بالبيانات في ما يخص تطوير الكفاءات والسياسات الاقتصادية وتحسين أداء سوق العمل. وتطبّق حلول SAS Workforce Analytics نماذج التنبؤ المعززة بالذكاء الاصطناعي لمساعدة المؤسسات في استشراف فجوات المهارات، ومواءمة البرامج التعليمية مع احتياجات القطاع، وتطوير استراتيجيات القوى العاملة المستدامة.

يوفر دمج بيانات القطاعات المختلفة – كالتعليم والرعاية الصحية والأمن والاقتصاد – في تحليلات القوى العاملة تصوراً متكاملاً للقدرات الراهنة والاحتياجات المستقبلية. على سبيل المثال، تتيح البيانات التعليمية إمكانية التنبؤ بالقوى العاملة المتاحة بناءً على أعداد الخريجين واتجاهات التخصصات.

كما تتيح تحليلات قطاع الرعاية الصحية والتركيبة السكانية التنبؤ بالطلب المستقبلي على الكوادر الطبية، بينما يمكن للوكالات الأمنية تقييم حاجتها المتزايدة لخبراء الطب الشرعي الرقمي في مكافحة الجرائم السيبرانية. توفر هذه الرؤى للحكومات أساساً علمياً لوضع سياسات تضمن التوافق بين النظام التعليمي واتجاهات القوى العاملة والأهداف الاقتصادية الوطنية.

رسم السياسات باستخدام تحليلات القوى العاملة

لا يقتصر دور تحليلات القوى العاملة المعززة بالذكاء الاصطناعي على رصد فجوات المهارات، بل يمتد ليشكل عنصراً أساسياً في رسم السياسات الوطنية. فيمكن للحكومات توظيف الرؤى المستمدة من البيانات لتوجيه الإصلاحات التعليمية، وصياغة سياسات هجرة ذكية، وتطوير استراتيجيات الاحتفاظ بالكوادر المتميزة.

ويمثل برنامج الإقامة الذهبية في دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي تمكّن من استقطاب نخبة الخبراء العالميين في مجالات التكنولوجيا والصحة والبحث العلمي، مثالاً بارزاً على ذلك. حيث توفر تحليلات القوى العاملة لواضعي السياسات القدرة على قياس نتائج البرنامج وتحسين المبادرات المستقبلية لتحقيق منافع اقتصادية مستدامة.

ويمثل التعاون بين الجهات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص ركيزة أساسية لتطوير مصادر مستدامة للمواهب. كما تعمل الشراكات الجامعية على تقليص الفجوة بين المخرجات التعليمية واحتياجات سوق العمل، مما يكفل تأهيل الخريجين بالمهارات المطلوبة في سوق العمل المتغير. وعبر الاستفادة من الرؤى القائمة على الذكاء الاصطناعي، تستطيع المؤسسات تبني نهج استباقي في تخطيط القوى العاملة، مما يكفل جذب أفضل المواهب وتطويرها والاحتفاظ بها.

دور SAS Workforce Analytics في تطوير تخطيط القوى العاملة

تندرج تحليلات القوى العاملة كأحد التطبيقات المطوّرة في إطار مبادرة SAS D [n] A Factory، حيث يعمل فريق وطني على تقديم حلول متخصصة لتعزيز المكانة التنافسية للإمارات العربية المتحدة في قطاعاتها الحيوية من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي. صُممت هذه التطبيقات خصيصاً لتلبية احتياجات مُحددة لمختلف القطاعات في المنطقة، وتُعد SAS Workforce Analytics مجالاً واعداً له قدرة كبيرة على تشكيل مستقبل القوى العاملة.

بفضل خبرتها التي تتجاوز 40 عاماً في التعاون مع إدارات شؤون الموظفين عالمياً، طورت ساس العديد من تطبيقات SAS Workforce Analytics للقطاعين العام والخاص. فعلى سبيل المثال، تستخدم مؤسسة أمريكية كبرى للرعاية الصحية خوارزميات ساس للنمذجة التنبؤية لرصد الاتجاهات الكامنة وتطوير نماذج أدق في توقّع احتياجات القوى العاملة. وفّرت المؤسسة في عامها المالي الأول 2.2 مليون دولار مع تحسين جدولة المناوبات، ما أسهم في رفع مستوى رضا كل من الموظفين والمرضى.

عبر الاستفادة من التحليلات التنبؤية، يمكن للشركات التنبؤ بمعدل تسرّب الموظفين، وتحديد المواهب الواعدة، وتصميم استراتيجيات تستهدف الاحتفاظ بالموظفين. يستفيد نظام تحسين التوظيف المدعوم بالذكاء الاصطناعي من تقنيات معالجة اللغة الطبيعية (NLP) في تحليل السير الذاتية والأوصاف الوظيفية واتجاهات التوظيف – مما يضمن عملية أذكى وأسرع في مطابقة المواهب.

ويتجاوز النظام عملية التوظيف، إذ يمكّن التخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة فرق الموارد البشرية من توقّع المتطلبات المستقبلية، سواء المتعلقة بالتقاعد أو التحولات الاقتصادية أو المستجدات التنظيمية. كما تقود ساس عملية تحسين الأداء والتعويضات، عبر تقديم رؤى قائمة على البيانات لتحليل مستويات الرواتب والمكافآت والمزايا – مما يمكّن المؤسسات من جذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها وتحفيزها.

مستقبل تحليلات القوى العاملة

في ظل التحوّل الذي يحدثه الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في تحليلات القوى العاملة، تتطور المؤسسات نحو مستقبل تدعم فيه الرؤى القائمة على البيانات اتخاذ قرارات أسرع وأكثر استراتيجية. وستوفر التحليلات الفورية للشركات القدرة على مراقبة اتجاهات القوى العاملة فور حدوثها، ما يمكّنها من توقّع النقص في المهارات والاستجابة قبل ظهور الفجوات.

وسيأخذ تطوير الموظفين طابعاً أكثر تخصيصاً، مع توجيه الذكاء الاصطناعي لنمو المسار المهني عبر توصيات مُخصصة، بينما تتيح النماذج التنبؤية للشركات التعامل المبكر مع مخاطر تسرّب الموظفين وتحسين استراتيجيات الاحتفاظ بالمواهب. كما تشهد إدارة الأداء تطوراً مستمراً، حيث تقوم أنظمة التقييم المعززة بالذكاء الاصطناعي بتحسين عمليات التقييم ودعم التطور المستمر.

مع تسارع التحول الرقمي، لم تعد تحليلات القوى العاملة رفاهية – بل باتت ضرورة حتمية. ستحظى الحكومات والشركات التي تتبنى تخطيط القوى العاملة المعزز بالذكاء الاصطناعي بميزة تنافسية، مما يضمن استدامة اقتصادية طويلة الأمد. وعبر الاستفادة من SAS Workforce Analytics، يمكن للمؤسسات في الإمارات العربية المتحدة مواءمة سياسات القوى العاملة مع الأهداف الوطنية، مما يرسخ مكانة الدولة كرائد عالمي في تطوير المواهب والابتكار الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى