من النفط إلى التكنولوجيا…صناديق الثروة الخليجية تضاعف رهانها على الذكاء الاصطناعي
تشهد صناديق الثروة السيادية في منطقة الخليج العربي تغييرات ملحوظة في القيادة والاستراتيجيات الاستثمارية، مما يبرز دورها المتزايد في تشكيل الأسواق العالمية.
تشير هذه التغييرات إلى تحولات استراتيجية عميقة تتجاوز قيمتها الإجمالية 2.5 تريليون دولار، مما يجعلها من بين أبرز اللاعبين المؤثرين على الساحة العالمية.
اعلنت دولة قطر عن تعيين محمد السويدي رئيساً تنفيذياً جديداً لجهاز قطر للاستثمار، الذي يدير أصولاً تصل قيمتها إلى 510 مليارات دولار.
وقد جاء تعيين السويدي بعد فترة طويلة قضاها منصور المحمود في هذا المنصب منذ عام 2018.
السويدي، الذي انضم إلى الجهاز في عام 2010، شغل سابقاً منصب الرئيس التنفيذي للاستثمارات في الأميركتين، وكان له دور بارز في تأسيس مكتب للجهاز في الولايات المتحدة.
صناديق الثروة الخليجية تضاعف رهانها على الذكاء الاصطناعي
توقعت بلومبيرغ أن يعكس تعيين السويدي استعداد قطر لمواجهة التغيرات العالمية، خاصة مع احتمال عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وفي هذا السياق، أشار سالار قهرماني، خبير صناديق الثروة السيادية في جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية، إلى أن “اختيار قائد ذو خبرة واسعة في السوق الأميركية يدل على استعداد قطر لتكييف استراتيجياتها مع الديناميكيات السياسية والاقتصادية المتوقعة”.
جهاز قطر للاستثمار في السوق الأمريكية
تشير تقارير بلومبيرغ إلى أن جهاز قطر للاستثمار قد بدأ في السنوات الأخيرة بتوجيه استثماراته نحو السوق الأمريكية، بهدف تقليل الاعتماد على الأصول الأوروبية.
وقد شمل هذا التوجه استثمار الأموال في مجالات التكنولوجيا والرعاية الصحية والبنية التحتية. ومع الزيادة الكبيرة في صادرات الغاز الطبيعي القطري، من المتوقع أن تتضاعف أصول الجهاز في السنوات القادمة، مما يمنحه مزيدًا من المرونة لتعزيز وجوده على الساحة الدولية.
كما أشار التقرير إلى أن الجهاز بدأ يبتعد عن الاستثمارات التقليدية مثل العقارات الفاخرة، متجهًا نحو استثمارات تكنولوجية أكثر تطورًا.
من المتوقع أن يسهم هذا التحول في إعادة التوازن لمحفظة الجهاز الاستثماري، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية.
وفي الكويت، شهدت الهيئة العامة للاستثمار تغييرا مماثلا مع تعيين الشيخ سعود سالم الصباح، البالغ من العمر 35 عاما، خلفا لغانم الغنيمان الذي تقاعد بعد سنوات طويلة من الخدمة.
وقد وصفت بلومبيرغ الشيخ سعود بأنه يتمتع بخبرة تمتد لأكثر من عقد في مجال إدارة الاستثمارات، بما في ذلك عمله مع شركة بلاك روك الأميركية المتخصصة في هذا المجال، مما يدل على تحول في توجهات الهيئة نحو جذب استثمارات جديدة وقيادة أكثر شبابا.
تحول استراتيجي في مجال الاستثمارات
تشير تقارير بلومبيرغ إلى أن صناديق الثروة السيادية في الخليج تتبنى نهجًا أكثر تطورًا يعتمد على البيانات والتحليل الكمي. على سبيل المثال، يقوم جهاز أبوظبي للاستثمار، الذي يدير أصولًا تصل قيمتها إلى تريليون دولار، بتعزيز فريقه المتخصص في التحليل الكمي بهدف تسريع اتخاذ القرارات وتحسين العوائد. ويتضمن ذلك زيادة الاستثمارات في الائتمان الخاص والأسهم الخاصة، بالإضافة إلى توسيع شراكاته مع صناديق التحوط.
وقد صرح قهرماني بأن “صناديق الثروة السيادية اليوم أصبحت أكثر استقلالية واستراتيجية، حيث تتخذ قرارات استثمارية تتماشى مع أهدافها طويلة الأمد، سواء من خلال تحسين شروطها مع مديري الصناديق الخارجية أو عبر إدارة الاستثمارات داخليًا لتحقيق أفضل النتائج”.
كما حققت الأسواق المالية في الإمارات إنجازًا تاريخيًا بتجاوز القيمة السوقية للأسهم المدرجة حاجز التريليون دولار لأول مرة.
يشمل ذلك أسواق دبي وأبوظبي، مما يمنحها ميزة تنافسية على أسواق أوروبية بارزة مثل ميلانو ومدريد. وأشارت بلومبيرغ إلى أن هذا النمو جاء نتيجة لزيادة تقييمات الشركات الإماراتية.
وفقًا للتقرير، “أصبحت صناديق الثروة السيادية أكثر إدراكًا لأهمية السياسة والجغرافيا السياسية في استراتيجياتها، مما يعكس توجهًا جديدًا يعزز من دورها كمحرك رئيسي للاقتصاد العالمي”.
السعودية.. سباق لجمع السيولة
يعتبر صندوق الاستثمارات العامة السعودي اللاعب الأساسي في تحقيق رؤية 2030، حيث يدير أصولًا تتجاوز قيمتها 700 مليار دولار.
ومع تراجع أسعار النفط وزيادة عجز الميزانية، زاد الصندوق من جهوده لجمع السيولة عبر بيع حصص في الشركات المملوكة للدولة.
في هذا الإطار، قام الصندوق ببيع حصص من شركة أرامكو بقيمة 12.4 مليار دولار هذا العام، بالإضافة إلى تقليص حصته في شركات أخرى مثل شركة الاتصالات السعودية بمقدار مليار دولار.