ربط موانئ المستقبل بشبكات خلوية خاصة
وفقاً للبنك الدولي، ساهمت التجارة بأكثر من 60٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2019.
كما كشفت بيانات غرفة الشحن الدولية بأن 90٪ من أعمال التجارة العالمية تمرّ من خلال الشحن
البحري. وتشير هذه المعطيات إلى أن عمليات الشحن في موانئ المستقبل تحظى بأهمية كبيرة وتشكّل
عنصراً حيوياً لعمل الاقتصاد العالمي.
ووفقاً للبيانات الإحصائية الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، فإن سفن الحاويات، من
بين الأنواع الرئيسية الأربعة من سفن الشحن (ناقلات النفط، وسفن البضائع السائبة، وسفن البضائع
العامة، وسفن الحاويات ذات المقاس الموحد عالمياً)، تنقل معظم البضائع غير السائبة في العالم. ويبحث
كثير من مشغلي المحطات الطرفية البحرية عن طرق جديدة لتحسين العمليات من خلال الأتمتة. لكن
موانئ الحاويات بالذات هي التي قطعت شوطاً واسعاً في مجال الأتمتة حتى الآن. ويعود ذلك بالدرجة
الأولى إلى طبيعة البضائع المتسقة والموحدة.
لطالما عملت الموانئ بمعزلٍ عن أقرانها، وقلّما أبدت تعاوناً على المستوى الدولي. وساهم استخدام
الحاويات ذات المقاس الموحد عالمياً في تشكيل تحالفات عالمية لموانئ الحاويات، مما أدى إلى توسيع
العمليات وزيادة الأتمتة. ونظراً للمكاسب والكفاءات الإضافية المؤكدة التي تحققها المرافق المتصلة
الذكية، فقد ازداد اهتمام مشغلي الموانئ باعتماد حلول جديدة، لكن الكثافة الشديدة للأجهزة في الموانئ
الذكية المكتملة تطرح تحديات جديدة ومتطلبات ربط ينبغي التعامل معها.
وأظهرت أحدث أبحاث إريكسون أن موانئ المستقبل تحقق تخفيضات إضافية في التكاليف، مع عائد
استثمار يصل إلى 178٪، بالإضافة إلى تعزيز إجراءات السلامة لعمال الميناء وتقليل الأثر البيئي.
موانئ المستقبل: محيط زاخر بالفرص
لا خلاف على أن صناعة الشحن البحري مرشحة للنمو خلال العقد المقبل. وقد أشارت شركة كارغوتك
في عرضها التقديمي للمستثمرين (2020) إلى معدل نمو سنوي مركب يبلغ 3.6٪ لإنتاجية الحاويات
العالمية بين عامي 2013 و2024، مما يتطلب من موانئ المستقبل تبني عمليات أكثر ذكاءً وكفاءة
للتعامل مع هذا النمو والازدياد في حركة الشحن.
ويتناول تقرير إريكسون بعنوان “الموانئ المتصلة: دليل بناء موانئ أكثر ذكاءً باستخدام التقنيات الخلوية
الخاصة” بالتفصيل التحديات التي تواجه الموانئ، حيث قامت الشركة بدراسة الدور المهم الذي ستلعبه
الشبكات الخلوية خاصة؛ والمقصود هنا شبكات الجيلين الرابع والخامس، في التغلب على تلك التحديات،
من خلال توفير اتصالات فائقة السرعة وفاصل تأخير أقل وأداء فعّال في البيئات كثيفة الأجهزة. كما
يقدّم التقرير تحليلاً معمّقاً لخمس حالات استخدام ذات قيمة عالية توضح كيف تعالج الشبكات المجهزة
بتقنية الجيل الخامس نقاط ضعف محددة وتفتح الطريق أمام المستقبل.
ولرسم مخطط يوضّح الفرص المتاحة أمام الموانئ المتصلة، تعاونت إريكسون مع باحثين من شركة
آرثر دي ليتل، وخبراء من شركة آي إف إم إليكترونيك جي أم بي إتش؛ الرائدة عالمياً في تكنولوجيا
الاستشعار والثورة الصناعية الرابعة 4.0.
الإبحار في خضم العواصف
تؤدي زيادة وتيرة التنمية وعدد السكان في العالم إلى زيادة في الطلب من المستهلكين وقطاع الصناعة،
ويجب أن يتكيّف قطاع الشحن بالحاويات لمواكبة ذلك. كما سيؤدي تضخم النشاط في المستقبل إلى زيادة
الضغط على الموانئ كي تصبح أكثر كفاءة واستدامة، وتقدّم أسعاراً تنافسية للاستمرار في اجتذاب
خطوط الشحن الرئيسية. ويلجأ مشغلو الموانئ الى الأتمتة والتحول الرقمي لمعالجة أية مصاعب
متصاعدة أو عوائق تعترض سبيلهم في المستقبل.
ويستعرض التقرير بالتفصيل التحديات الرئيسية التي تواجه الموانئ، وكيف يمكن لابتكارات التحول
الرقمي أن تساعد الشركات على التعامل مع عمليات محفوفة بالمخاطر تستغرق وقتاً طويلاً لجني
العائدات. فمثلاً، إذا اعتمدت الموانئ آليات التحكم عن بعد أو التشغيل الآلي للرافعات أو غيرها من
المعدات، فإنها تُقلل مخاطر إلحاق الضرر بالعمال المُشغّلين للمعدات في الموقع وتحسّن مستوى الكفاءة.
كما يتناول التقرير المسار الذي يجب اتباعه لسد ثغرات الربط في موانئ المستقبل. ذلك لأن تقنيات
الاتصال المستخدمة في عمليات الأتمتة السابقة وجهود التحول الرقمية، لم تعد قادرة على التعامل مع
كثافة وسعة عرض الحزمة وفاصل التأخير المطلوب حالياً. لذلك، تحتاج فرق العمل إلى نهج جديد.
ولنأخذ مثلاً العربات الموجهة آلياً التي تتجول في أرجاء الموانئ، كالرافعات الشوكية المُسيّرة وغيرها
من مركبات مناولة البضائع والمواد، فهي تتطلب حزمة أكثر سعة واتصالات موثوقة.
وتتيح الشبكات الخلوية الخاصة المجهزة بتقنيات الجيل الخامس تأدية خدمات اتصالات بالغة الأهمية،
مثل خدمات الصوت والبيانات. وهذا يساعد في الحد من إصابات العمل، وتقليل الأثر الاقتصادي أثناء
الكوارث أو حالات الطوارئ، وخفض المخاطر المالية أو الاقتصادية في المستقبل.
كما يؤدي استخدام تقنية الجيل الخامس إلى إبحار سلس، عندما يتطلب الأمر في المستقبل دقة أكبر في
تحديد المواقع واتصالات موثوقة بالأجسام المتحركة، فضلاً عن الاكتفاء برابط اتصال واحد لتنفيذ جميع
الخدمات. وهذا يضمن لمشغلي الموانئ تبسيط النهج المعتمد بدلاً من تركيب عدة قطع من معدات
الشبكات على رافعة مثلاً.
تحديد المسار
من أجل إجراء اختبار للقيمة في الموانئ المتصلة، افترضنا وجود ميناء أساسي مزود بتقنيات آي إف إم
إليكترونيك جي أم بي إتش. والميناء الأساسي هنا يمثّل واحداً من أفضل 100 ميناء حاويات في العالم،
ويستوعب قرابة 4 ملايين وحدة مكافئة سنوياً (وحدة مكافئة لعشرين قدماً)، وتبلغ إيراداته 400 مليون
دولار تقريباً.
ثم قمنا بتحليل 5 حالات استخدام، حسب قدرة كل حالة على توليد قيمة فعالة ومجدية. وتضمنت هذه
الحالات:
رافعات جسرية مدولبة يتم تشغيلها آلياً
رافعات يتم التحكم بها عن بُعد لنقل الحاويات من السفن إلى ساحة الميناء
عربات موجهة آليا
مراقبة الحالة
طائرات مُسيّرة للمراقبة وعمليات التوصيل
موانئ آمنة
مع أن إمكانات الموانئ المتصلة تستوعب تطبيقات مختلفة، لكن دراستنا توصلت إلى أن حالات
الاستخدام الخمسة المذكورة أعلاه هي الأكثر أهمية، وأن الرافعات الجسرية المدولبة التي يتم تشغيلها
آلياً، والرافعات التي يتم التحكم بها عن بُعد لنقل الحاويات من السفن إلى ساحة الميناء، والعربات
الموجهة آلياً، هي من أكثرها فائدة للموانئ.
ما هي النتائج؟
جميع حالات الاستخدام غطّت تكاليفها في غضون سنتين أو ثلاث سنوات، وإذا تم استخدامها معاً فإنها
توفر مردوداً كاملاً في غضون سنتين، وعائداً على الاستثمار بنسبة 178٪ بحلول السنة الخامسة.
وبالإضافة إلى الفوائد المالية الهائلة، تقوم الموانئ المتصلة بإنشاء خط أساس ثلاثي الأهمية يشمل: زيادة
الإنتاجية والكفاءة وخفض التكلفة، وتحسين شروط سلامة العمال، وتخفيف الأثر البيئي.
ويُعدّ استخدام اتصالات سريعة وموثوقة وآمنة شرطاً مسبقاً للإبحار في خضم هذا “المد المتصاعد”،
الأمر الذي لا تستطيع القيام به إلا شبكة خلوية خاصة مجهزة بتقنية الجيل الخامس. وللاطلاع على
النتائج الكاملة، يرجى مراجعة تقرير “الموانئ المتصلة”، وتجربة حاسبة القيمة للموانئ الذكية التي تتيح
معرفة الإمكانيات الجديدة للعائد على الاستثمار.