حل نهائي لأزمة القاهرة!.. بريكس تجتمع قبل انتخابات أمريكا.. لماذا
قبل عدة أشهر، تناول تقرير أعده مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري العلاقات الاقتصادية بين مصر ومجموعة “بريكس”. وأشار التقرير إلى أن مصر تتمتع بعلاقات اقتصادية قوية مع الدول الأعضاء المؤسسين في المجموعة، حيث يوجد تعاون تجاري وصناعي واستثماري مشترك، مع جهود لتعزيز الروابط الاقتصادية من خلال مشاريع في مجالي التجارة والطاقة.
وفيما يتعلق بالتبادل التجاري، بلغ حجمه حوالي 4.9 مليار دولار خلال عام 2022. ومع ذلك، تشير البيانات الحديثة إلى أن صادرات مصر إلى دول المجموعة زادت بنسبة 13% خلال الفترة من يناير إلى أغسطس الماضي، خاصة إلى الهند وروسيا والبرازيل، على الرغم من أن “بريكس” لا يمثل اتفاق تجارة حرة يمنح إعفاءات جمركية للدول الأعضاء.
وأوضح المركز أن “استهداف التكتل تقليل التعاملات البينية بالدولار الأمريكي سيساهم في تخفيف الضغط على النقد الأجنبي في مصر، حيث يمثل الدولار الجزء الأكبر منه، مما يعود بالنفع على تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية”. كما أضاف أن “انضمام مصر كدولة عضو في بنك التنمية التابع لتكتل بريكس سيوفر فرصاً للحصول على تمويلات ميسرة”.
توقعات بتخفيف الضغوط على العملة الصعبة
تستضيف مدينة قازان الروسية الفعاليات الـ16 لقمة “بريكس”، التي تمتد على مدار ثلاثة أيام، وسط اهتمام عالمي كبير بهذا التحالف الاقتصادي الذي شهد نمواً ملحوظاً في حجمه تقريباً في عام 2024، مما يجعله منافساً لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى. وذكرت شبكة “سي أن أن” في تقرير حديث أن تحالف “بريكس” قد اكتسب نفوذاً إضافياً بعد انضمام مصر والإمارات وإيران وإثيوبيا في يناير الماضي، حيث أصبحت العضوية في هذا التحالف فرصة مغرية للدول التي تسعى لتعزيز التجارة والاستثمار والتنمية الاقتصادية.
وفي تعليقه، أشار أشرف غراب، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية في منظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية، إلى أن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي في القمة الـ16 التي تُعقد في قازان تحت شعار “تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين”، وبحضور 24 زعيماً، بعد انضمام مصر كعضو رسمي، ستعود على مصر بالعديد من المكاسب الاقتصادية التي تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.
اشار إلى أن حديث الرئيس المصري في القمة حول جهود مصر في الإصلاح الاقتصادي والتنمية الشاملة، بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص وتحسين بيئة الاستثمار، يعكس أهمية طرح الفرص الاستثمارية والاقتصادية الواعدة في البلاد، خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. هذه الجهود تسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية من دول التجمع، التي يبلغ إجمالي ناتجها المحلي حوالي 30 تريليون دولار، وتمثل 25% من صادرات العالم و30% من حجم الاقتصاد العالمي، كما تنتج نحو 35% من الحبوب على مستوى العالم، نظراً لاحتوائها على أكبر الاقتصادات العالمية.
وتوقع أن يحقق الاقتصاد المصري فوائد كبيرة من تدفق الاستثمارات من دول التجمع، فضلاً عن زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر وهذه الدول بالعملات المحلية، مما يخفف الضغط على العملة الصعبة. كما سيفتح ذلك أسواقاً جديدة للمنتجات المصرية في هذه الدول، خاصة مع زيادة عددها، في ظل توقعات بأن يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لدول التجمع خلال العام الحالي نظيره في مجموعة السبع بشكل ملحوظ.
اشار إلى أن توجه مجموعة “بريكس” نحو إنشاء نظام مالي عالمي وإصدار عملة جديدة، خاصة مع تزايد عدد الدول الأعضاء، يعزز التجارة البينية بين مصر ودول المجموعة ويقلل من اعتماد القاهرة على العملات الأجنبية، مما يسهم في تحسين قيمة الجنيه المصري. ويأتي ذلك في ظل كون الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أكبر مصدر للمواد الخام على مستوى العالم، مما يساعد على زيادة حجم الواردات المصرية بالعملة المحلية، ويعزز من تطوير الصناعة الوطنية وتعظيمها، بالإضافة إلى نجاح الدولة في تعزيز التصنيع المحلي للعديد من المنتجات المستوردة، مما يتيح الاعتماد بشكل أكبر على المنتجات المحلية في المستقبل.
كما أضاف أن من الفوائد التي تحققها مصر من انضمامها الرسمي للمجموعة هو زيادة عدد الوفود السياحية القادمة من دول التجمع في السنوات القادمة، نظراً لما تتمتع به مصر من مناخ سياحي متميز واحتوائها على أهم المعالم الأثرية من الحضارات الفرعونية والإسلامية والرومانية، فضلاً عن شواطئها ومدنها الساحلية الرائعة والسياحة العلاجية. بالإضافة إلى ذلك، فإن عضوية مصر في بنك التنمية الجديد التابع للمجموعة تعزز من قدرتها على دعم التنمية المستدامة وزيادة السيولة وتنويع مصادر تمويلها بشروط وإجراءات ميسرة لمواجهة الأزمات الاقتصادية.
4.9 مليار دولار صادرات مصر لدول “بريكس”
تشير البيانات الرسمية إلى أن قيمة الصادرات المصرية إلى دول مجموعة “بريكس” ارتفعت إلى 4.9 مليار دولار في عام 2022، مقارنة بـ 4.6 مليار دولار في عام 2021، مما يعكس زيادة بنسبة 5.3%. في المقابل، بلغت قيمة الواردات المصرية من دول المجموعة حوالي 26.4 مليار دولار، مقابل 23.6 مليار دولار، بزيادة قدرها 11.5%.
تظهر هذه الأرقام وجود عجز تجاري لمصر في علاقاتها التجارية مع دول مجموعة “بريكس”. وقد تصدرت الهند قائمة الدول الأكثر استيراداً من مصر في عام 2022، حيث بلغت قيمة الصادرات المصرية إليها 1.9 مليار دولار. تلتها الصين في المركز الثاني بقيمة 1.8 مليار دولار، ثم روسيا بمبلغ 595.1 مليون دولار، تليها البرازيل بقيمة 402.1 مليون دولار، وأخيراً جنوب أفريقيا بمبلغ 118.1 مليون دولار.
أما بالنسبة للواردات، فقد تصدرت الصين قائمة الدول المصدرة لمصر في عام 2022، حيث بلغت قيمة الواردات المصرية منها 14.4 مليار دولار. وجاءت روسيا في المركز الثاني بقيمة 4.1 مليار دولار، تلتها الهند بنفس القيمة، ثم البرازيل بنحو 3.6 مليار دولار، وأخيراً جنوب أفريقيا بقيمة 133 مليون دولار.
مخاوف من إغراق سوق السلع في مصر
سلط مركز “رع للدراسات الاستراتيجية” الضوء على التحديات التي تواجه مصر في تحقيق أقصى استفادة من انضمامها إلى مجموعة “بريكس”. وأشار إلى أن الاقتصاد المصري لا يزال يعاني من آثار وباء كورونا والحرب الروسية-الأوكرانية، مما أثر سلباً على معدل النمو الاقتصادي واحتياطي النقد الأجنبي، ودفع معدلات التضخم إلى الارتفاع بشكل ملحوظ. هذه التداعيات أدت إلى ضعف الأداء الاقتصادي لمصر، ولتجاوز هذه المشكلات وضمان وجود أفضل في “بريكس”، يتطلب الأمر اتخاذ خطوات مدروسة وجهود مستمرة لتعزيز السياسات المتعلقة بالتصنيع والإنتاج وتوفير العملات الأجنبية.
كما أشار إلى أن معظم احتياطي النقد الأجنبي في مصر بالدولار، بينما النسبة القليلة منه بالعملات الدولية الأخرى. لذا، هناك حاجة لوضع خطة نقدية تهدف إلى تنويع الاحتياطي الأجنبي من خلال سلة من العملات الدولية المختلفة، مثل الروبل الروسي واليوان الصيني. وأكد أن انضمام مصر إلى مجموعة “بريكس” يتطلب أن يكون الاقتصاد المصري قادراً على المنافسة والإنتاج والتصدير، لتفادي التعرض لمنافسة غير متكافئة.