حزمة الـ561 مليار دولار….. هل تكفي لإنقاذ عقارات الصين من الانهيار؟
تراجعت أسهم قطاع العقارات في الصين خلال الآونة الأخيرة، على الرغم من الخطط الحكومية الضخمة للتحفيز. فقد اعتبر المستثمرون والاقتصاديون أن الإجراءات التي أعلن عنها المسؤولون لدعم سوق العقارات المتدهورة غير كافية ومجزأة، مما يثير القلق بشأن القطاع الذي يمثل حوالي 30% من إجمالي ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وبعد أن أثارت البيانات الاقتصادية السلبية خلال فصل الصيف مخاوف من احتمال عدم قدرة الصين على تحقيق معدل النمو المستهدف البالغ 5%، قرر الرئيس الصيني شي جينبينغ أخيراً المضي قدماً في حزمة التحفيز الضرورية، التي تركز بشكل رئيسي على التدابير النقدية، والتي تم الإعلان عنها في الأسبوع الأخير من سبتمبر الماضي.
منذ ذلك الحين، يتوقع الاقتصاديون أن يتم الإعلان عن حزمة تحفيز إضافية تصل قيمتها إلى 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) بهدف استعادة الاتجاه الإيجابي في ثاني أكبر اقتصاد عالمي. ومع ذلك، لم يحقق المؤتمر الصحافي الذي نظمته وزارة الإسكان مؤخراً هذه التطلعات.
تخفيف الضغوط المالية
وفي تعليقه، أشار لاري هو، كبير الاقتصاديين في شركة “ماكواري”، إلى أن “الدعم المعلن عن الإسكان لا يزال تدريجياً بطبيعته، وقد يساعد في تخفيف الضغوط المالية على المطورين”، لكنه أضاف “قد لا يكون كافياً لتحقيق الاستقرار في سوق الإسكان”.
على الرغم من استمرار الإعلان عن محفزات جديدة، شهدت أسهم مؤشر “سي أس أي 300” العقاري القياسي في الصين تراجعاً بنسبة خمسة في المئة. بينما استقر تداول مؤشر شانغهاي المركب في آخر مرة، وارتفع مؤشر “هانغ سنغ” في هونغ كونغ بنسبة نصف في المئة، متخلياً عن المكاسب الكبيرة التي حققها في وقت سابق من هذا الأسبوع.
خلال المؤتمر الصحفي، أكدت وزارة الإسكان والتنمية الحضرية والريفية في الصين عزمها على زيادة الإقراض المصرفي للمشاريع العقارية المحددة ليصل إلى حوالي أربعة تريليونات يوان (561 مليار دولار) بحلول نهاية عام 2024.
وفي يناير الماضي، أعلنت الصين عن “القائمة البيضاء” لمشاريع البناء، مما أتاح للبنوك تقديم القروض لهذه المشاريع لمساعدتها في الوصول إلى مرحلة الإنجاز وتسليمها للمشترين.
وأشار وزير الإسكان ني هونغ إلى أن الوزارة تتمتع بثقة كاملة في انتعاش سوق العقارات، وأنها ستركز على التنفيذ في المرحلة المقبلة.
من جانبه، ذكر نائب مدير إدارة الرقابة المالية شياو يوانكي خلال الحدث أن القروض المعتمدة للمشاريع العقارية المدرجة في “القائمة البيضاء” قد بلغت بالفعل 2.23 تريليون يوان (313 مليار دولار) اعتباراً من 16 أكتوبر الجاري.
يُعتقد على نطاق واسع أن المشاكل الاقتصادية العديدة التي تواجهها الصين تعود جذورها إلى قطاع العقارات المتعثر، الذي كان يمثل سابقًا حوالي 30% من النشاط الاقتصادي، ويشكل حاليًا نحو ربع الاقتصاد الصيني و70% من ثروة الأسر.
في سبتمبر الماضي، قام محافظ البنك المركزي بان جونغ شنغ بمحاولة معالجة المخاوف الواسعة بشأن تباطؤ النمو من خلال الإعلان عن خفض أحد أسعار الإقراض الرئيسية، وهو سعر إعادة الشراء العكسي لسبعة أيام، من 1.7% إلى 1.5%. كما تم خفض نسبة متطلبات الاحتياط للبنوك بمقدار نصف نقطة مئوية، مما سيفرغ نحو تريليون يوان (142 مليار دولار) للإقراض الجديد.
بالإضافة إلى ذلك، تم الكشف عن تخفيضات في الرهون العقارية الحالية، حيث تم تقليص الحد الأدنى للدفعة المقدمة للرهن العقاري من 25% إلى 15% لمشتري المنازل للمرة الثانية.
بدأت سوق العقارات في التباطؤ منذ عام 2019، وانخفضت إلى أدنى مستوياتها بعد حوالي عامين، نتيجة لحملة حكومية على اقتراض المطورين، مما أدى إلى أزمة حادة تسببت في تراجع كبير في أسعار العقارات وفقدان الثقة لدى المستهلكين.
يسعى الأفراد والشركات إلى حماية ثرواتهم من خلال بيع الأصول وتقليل الاستهلاك، بالإضافة إلى الاستثمار، مما أثر سلباً على النمو الاقتصادي.
بكين تخطط لإصدار سندات بقيمة 284 مليار دولار.
في تقرير حديث، أشار الاقتصاديون في بنك “أتش أس بي سي“، بقيادة جينغ ليو، إلى أن “هذه المرة مختلفة”، مضيفين “يبدو أن كل شيء يحدث دفعة واحدة”، ومع ذلك، أشاروا إلى أنها لا تزال مجرد بداية.
ويتوقع البنك الاستثماري أن تعلن بكين عن إنفاق مالي بقيمة تريليون يوان (142 مليار دولار) على المنتجات الاستهلاكية أو مشاريع البناء الكبيرة، مما سيساهم في تحفيز الاقتصاد بشكل مباشر.
أفاد محللون من بنك “باركليز” أن الحزمة المالية التي تبلغ قيمتها 10 تريليونات يوان والموزعة على مدى عامين ستؤثر بشكل كبير على الاقتصاد، حيث من المتوقع أن تضيف نقطة مئوية كاملة إلى معدل النمو. ومع ذلك، أشاروا إلى أن هذه الخطة لا تزال مجرد “تكهنات” في الوقت الراهن. وأكد الخبراء أن أي إجراءات تحفيزية فعالة يجب أن تتناول مشكلة زيادة العرض في سوق العقارات.