منوعات

“البُر النجراني”.. موروث “أصيل”

متابعة جمال علم الدين

تشتهر منطقة نجران بزراعة “البُر النجراني”، الذي تكمُن أهميته لدى الأهالي لكونه موروثا شعبيا ذا قيمة صحية وغذائية،  يهتم أهالي المنطقة بزراعته خاصة في مدينة نجران، والمحافظات التابعة لها خصوصًا في حبونا، وبدر الجنوب، نظراً للمقومات البيئية التي تتمتع بها.

ومع مطلع أكتوبر من كل عام يبدأ مزارعو المنطقة في تجهيز الأراضي الزراعية وتهيئتها لزراعة بذور البُر، بعد تنظيفها من الأعشاب الضارة والحجارة، والتأكد من خصوبة التربة وقدرتها على استيعاب مياه الري، ليتم بعد ذلك وضع البذور وتغطيتها بطبقة رقيقة من التربة الخصبة، والري باستخدام التقنيات الحديثة لتوفير كميات محددة من الماء بشكل منتظم للنباتات.

ويقول المزارعون إن زراعة البُر تمر بعدة مراحل بدءاً من حرث الأرض بشكل جيد وتجهيز التربة من خلال تركها فترة كافية للتهوية والتشميس، مع إزالة الأعشاب والعوالق الضارة، وبعدها يتم ري الأرض بشكل جيد للمساعدة على ترطيب التربة بما يسهم في الحصول على حبوب قمح جيدة ومتماسكة، مع بداية موسم زراعة بذور البُر الذي يتم حصاده بعد ما يقارب الـ6 أشهر من زراعته عبر الطرق الحديثة.

أقرأ ايضا معرض “المراعي الافتراضي” في نجران

وعن طرق الحصاد ذكروا أنها تختلف اليوم عما كان يتبعه الآباء والأجداد قديماً، عندما كان الأهالي يجتمعون في موعد حصاد محاصيل البُر، للمشاركة فيه وهم يرددون الأناشيد والأهازيج الخاصة بالحصاد، وتتضمن الحمد والثناء لله على نعمة المحصول والإنتاج.

من جانبه ذكر مدير إدارة الزراعة بنجران حسين محمد آل قدرة، أن منطقة نجران تشتهر بزراعة أفضل أنواع القمح بالمملكة وهي “سمراء نجران” و”الصماء”، وتمتاز هذه الأنواع عن غيرها بالجودة والقيمة الغذائية، لما تتمتع به المنطقة من خصوبة في التربة واعتدال الأجواء وعذوبة المياه، مبيناً أن فرع وزارة البيئة بالمنطقة يقدم الإرشاد الزراعي للمزارعين حول كيفية السيطرة على الآفات والأمراض التي قد تعرقل زراعة القمح، والعمل على مراقبة الحقول بانتظام لاتخاذ التدابير الوقائية والعلاجية المناسبة للحد من التأثيرات السلبية التي قد تصيب المحاصيل.

تجدر الإشارة إلى أن سفينة التذوق التابعة لمنظمة “سلو فود” العالمية للأغذية، اختارت البُر النجراني المسمى بالسمراء من ضمن 13 منتجاً بالمملكة، كونه يُعد من المكونات الرئيسية لأشهر الأكلات النجرانية ومنها “الرّقش” الذي أعلنت هيئة فنون الطهي السعودية، تسميته ضمن الأطباق الوطنية لمنطقة نجران لتداوله وتقديمه بمختلف منافذ الضيافة للجمهور المحلي والدولي.

ويدخل “البُر النجراني” في العديد من الأكلات الشعبية المشهورة بوصفه مكونا رئيسًا، مثل “الوفْد” الذي يخبز فيه البُر على شكل رغيف كبير، ثم يتم تفتيته وضغطه باليد حتى يتكوم بليونة مثل الكرة، ويوضع في آنية الخوص التي تسمى المطرح، ويؤكل مع المرق أو اللبن، كما يدخل في أكلة “المرضوفة” التي تؤكل غالباً كوجبة إفطار، بحيث يشابه تقديمها عمل “الوفد” إلا أنها تحفر من الوسط ويُصبّ في الحفرة السمن ويوضع عليه حجر حار، ويدخل في صناعة “الرقش” الذي تقطع فيه أرغفة خبز البر إلى قطع صغيرة داخل آنية الحجر المشهورة بنجران التي تسمى “المدهن” ثم يصب عليها المرق، وقطع اللحم من فوقها جميعا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى