مصر وصندوق النقد…. سعر الصرف والوقود أبرز الملفات المطروحة للمراجعة
أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على أهمية أن يأخذ صندوق النقد الدولي في اعتباره التغيرات والتحديات الكبيرة التي واجهتها مصر مؤخراً نتيجة الأزمات الإقليمية والدولية، والتي أثرت بشكل كبير على الموارد الدولارية وإيرادات الموازنة.
وخلال استقباله لمديرة صندوق النقد الدولي كريستينا غورغيفا، التي بدأت زيارة إلى القاهرة على رأس وفد رفيع المستوى لمراجعة البرنامج التمويلي الخاص بمصر، أشار السيسي إلى أن الأولوية للدولة تكمن في تخفيف الضغوط والأعباء عن المواطنين، خاصة من خلال مكافحة التضخم وارتفاع الأسعار، مع الاستمرار في جهود جذب الاستثمارات وتمكين القطاع الخاص لزيادة معدلات التشغيل والنمو.
أفاد الرئيس المصري الشهر الماضي بأن بلاده قد تحتاج إلى إعادة تقييم اتفاقية صندوق النقد الدولي، نظرًا للضغوط الاقتصادية التي تواجهها في ظل الإصلاحات المتفق عليها. وفي تصريحات أدلى بها الأسبوع الماضي، أوضح رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي أن الدولة تركز على تمديد الجدول الزمني لتنفيذ الإجراءات المتفق عليها مع الصندوق،
وذلك في ضوء التطورات المحلية والإقليمية التي حدثت منذ توقيع الاتفاق. وأعرب صندوق النقد الدولي عن استعداده لإعادة النظر في شروط الاتفاق، حيث أكدت مديرة الصندوق في تصريحاتها الأخيرة أن إدارة صندوق النقد “منفتحة تمامًا لتعديل البرنامج المصري أو أي برنامج آخر بما يخدم مصالح الشعوب بشكل أفضل”.
تشهد سوق الصرف في مصر حالة من الهدوء والاستقرار منذ الخفض الكبير لقيمة الجنيه المصري في مارس الماضي. ومع ذلك، بدأت أسعار الدولار الأميركي في الارتفاع مجددًا خلال التعاملات الأخيرة، حيث تجاوزت 49 جنيهاً في بعض البنوك. وفي ختام جلسة نهاية الأسبوع الماضي، سجل الدولار ارتفاعًا أمام الجنيه بنسبة تزيد عن 0.4%، ليصل سعر الصرف للشراء إلى 48.94 جنيه للدولار، وهو أعلى مستوى له منذ أغسطس الماضي.
يأتي تراجع الجنيه في ظل ضغوط من المستثمرين على صندوق النقد الدولي للحصول على توضيحات بشأن أسباب استقرار الجنيه رغم التحديات الإقليمية، بالإضافة إلى تعهدات السلطات بالالتزام بسعر صرف مرن،
وفقًا لبيان رسمي، أفاد المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أن الاجتماع بين الرئيس السيسي ووفد صندوق النقد الدولي تناول مناقشة التطورات المتعلقة بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري بالتعاون مع الصندوق. وقد أعرب الرئيس المصري عن تطلعه لاستمرار التعاون مع الصندوق في الفترة المقبلة، مع التركيز على تعزيز استقرار الأوضاع الاقتصادية وتقليل معدلات التضخم.
كما أشار الرئيس إلى أهمية مراعاة المتغيرات والتحديات التي واجهتها مصر مؤخرًا نتيجة الأزمات الإقليمية والدولية، والتي أثرت بشكل كبير على الموارد الدولارية وإيرادات الموازنة. وأكد أن الأولوية للدولة هي تخفيف الضغوط والأعباء عن المواطنين، خاصة من خلال مكافحة التضخم وارتفاع الأسعار، مع الاستمرار في جهود جذب الاستثمارات وتمكين القطاع الخاص لزيادة معدلات التشغيل والنمو.
أعربت غورغييفا عن تقديرها العميق للجهود التي بذلتها الدولة المصرية في الفترة الأخيرة، مشيدة بالبرنامج الإصلاحي الذي يتم تنفيذه بعناية مع التركيز على الفئات الأكثر احتياجاً. وأشارت إلى التقدم الذي تحققه مؤشرات الاقتصاد الكلي رغم التحديات غير المسبوقة التي تواجهها البلاد، وهو ما انعكس في النظرة الإيجابية لمؤسسات التصنيف الائتماني الدولية، مما أدى إلى رفع تصنيف مصر الائتماني وزيادة الاستثمارات.
وأكدت مديرة صندوق النقد الدولي أنها تدرك تماماً حجم التحديات الكبيرة التي تواجه مصر في ظل المستجدات الإقليمية والدولية. وأشارت إلى أن الصندوق، بالتعاون مع الحكومة المصرية، يسعى إلى تحديد أفضل مسارات الإصلاح التي تأخذ بعين الاعتبار جميع الأبعاد ذات الصلة، بما يضمن الحفاظ على نتائج الإصلاحات الإيجابية في الاقتصاد المصري، خاصة فيما يتعلق بتحسين المؤشرات الكلية وتعزيز جهود النمو والتنمية المدفوعة بشكل أساسي بنمو القطاع الخاص. كما أكدت على أهمية التركيز بشكل أكبر على مكافحة التضخم واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد منه.
وفقًا لتقرير خبراء صندوق النقد الدولي، تم تأجيل موعد إعداد خطة لإعادة رسملة البنك المركزي المصري إلى نهاية أغسطس 2024. وقد أعدت السلطات تقديرًا أوليًا لاحتياجات إعادة الرسملة، إلا أن التقرير أشار إلى ضرورة المزيد من الوقت لوضع تقدير دقيق ووضع خطة استراتيجية فعالة لإعادة الرسملة.
يشير رأس مال البنك المركزي المصري إلى الأموال التي يمتلكها البنك لتمويل عملياته وضمان قدرته على تنفيذ سياساته النقدية بفعالية. يلعب هذا الرأس المال دورًا حيويًا في تمكين البنك من مواجهة التحديات المالية وضمان استقرار النظام المالي، خاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية.
نظرًا للدور الحيوي الذي يقوم به البنك المركزي في ضمان سلامة الجهاز المصرفي ومكافحة التضخم، بالإضافة إلى الحفاظ على سلامة السياسة النقدية في ظل التحديات المتتالية منذ أزمة جائحة كورونا في 2020، مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية والعدوان الإسرائيلي على غزة، فإنه من الطبيعي أن يتم إعادة رسملة البنك من خلال زيادة رأس ماله لضمان قيامه بدوره وفقًا للقوانين المنظمة له.كفاد خبراء صندوق النقد الدولي بأن مصر قد استوفت شرط الاحتياطيات الدولية الصافية بفارق كبير،
حيث تم تعزيز هذه الاحتياطيات بزيادة تدفقات غير المقيمين إلى سندات الخزانة بالعملة المحلية في مارس 2024. كما حققت مصر شرط تقليل رصيد تسهيلات السحب على المكشوف للبنك المركزي وإقراضه للهيئات الحكومية، لكنها لم تستوفِ المقياس الأساسي بشكل كامل، وذلك بسبب أن سعر الصرف المستخدم لتحويل عائدات الدولار الأمريكي من صفقة رأس الحكمة كان أقل من التقديرات الافتراضية للبرنامج.
وصلت الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي المصري إلى مستوى غير مسبوق، حيث اقتربت من 46.5 مليار دولار بنهاية يوليو الماضي، متجاوزة بذلك مستويات ما قبل جائحة كورونا. بالإضافة إلى ذلك، استلمت مصر كامل قيمة صفقة رأس الحكمة التي أبرمتها مع الجانب الإماراتي في فبراير الماضي،
حيث حصلت على السيولة النقدية الدولارية بالكامل بإجمالي 24 مليار دولار. كما تم تحويل 5 مليارات دولار من قيمة الودائع الإماراتية البالغة 11 مليار دولار لصالح الاستثمار المحلي في السوق المصرية، بينما سيتم تحويل الـ 6 مليارات المتبقية من الودائع عند استحقاقها.