هل عودة ترامب تهدد استقلالية الاحتياطي الفيدرالي وكيف
أثار فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية تساؤلات كبيرة حول مستقبل الاقتصاد الأميركي، وتأثير هذا الفوز المحتمل على سياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي في الأشهر القادمة. كما يطرح تساؤلات جديدة حول الضغوط التي قد يمارسها ترمب على البنك المركزي خلال فترة ولايته الثانية في البيت الأبيض.
خلال حملته الانتخابية، تعهد ترمب بفرض تعريفات جمركية صارمة على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين، بالإضافة إلى توسيع التخفيضات الضريبية التي تم إقرارها في عام 2017. وتظهر العديد من التقديرات أن تنفيذ هذه السياسات قد يؤدي إلى زيادة الأسعار والأجور، ويعمق العجز الفيدرالي.
كما قد تعرقل هذه السياسات جهود الفيدرالي في خفض التضخم إلى هدفه المحدد بنسبة 2% مع الحفاظ على سوق العمل. وفي ظل هذه المهمة الحساسة، قد يجد البنك المركزي نفسه في بؤرة الاهتمام السياسي، وقد يشعر بالقلق إذا استمر ترمب في انتقاد رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بشكل علني كما فعل في السابق.
ويرفع “الاحتياطي الفيدرالي” ويخفض معدلات الفائدة في ضوء تطورات الاقتصاد الأميركي لضمان استقرار الأسعار والعمالة الكاملة ويصر في عمله على عدم إقحامه في الحياة السياسية.
انتقادات ترامب لمسؤولي “الاحتياطي الفيدرالي”
خلال ولايته الأولى، كان ترامب ينتقد بشكل متكرر مسؤولي “الاحتياطي الفيدرالي” بسبب عدم خفضهم لمعدلات الفائدة بالسرعة التي كان يرغب بها.
وقد وصل به الأمر إلى التساؤل في تغريدة غاضبة عما إذا كان رئيس “الاحتياطي الفيدرالي” جيروم باول، الذي عينه بنفسه، يُعتبر “عدواً أسوأ” من الرئيس الصيني شي جينبينغ.
وفي هذا السياق، أشار ديفيد ويلكوكس، الاقتصادي في معهد “بيترسون للاقتصادات الدولية” ومدير البحث الاقتصادي للولايات المتحدة في “بلومبيرغ”، إلى أن ذلك بدا وكأنه رسالة عدائية للغاية.
اشار الملياردير الجمهوري قبل إعادة انتخابه إلى أنه قد لا ينتظر حتى انتهاء ولاية جيروم باول على رأس “الاحتياطي الفيدرالي” في مايو 2026 لعزله من منصبه، بل قد يتخذ خطوات سريعة لتصحيح الوضع.
وفي هذا السياق، أوضحت كاثي بوستيانشيتش، كبيرة الاقتصاديين في شركة “ناشونوايد للتأمين”، أن “هناك قواعد وقوانين تحمي ‘الاحتياطي الفيدرالي’ من التأثيرات السياسية”، لكنها أكدت أن “النفوذ الهائل” الذي يتمتع به رئيس “الاحتياطي الفيدرالي” قد يجعل الرئيس المقبل الذي سيختاره ترمب قادرًا على تغيير الديناميكية واستقلالية السياسة النقدية.
من جانبه، اعتبر ديفيد ويلكوكس أن “الطريقة التقليدية الأولى التي يمكن لدونالد ترمب من خلالها التأثير على سياسة ‘الاحتياطي الفيدرالي'” هي من خلال استخدام صلاحياته في تعيين حكام جدد عند انتهاء ولاية الحكام الحاليين، والتي تستمر لمدة 14 عامًا.
سوق السندات سترفض
أوضح المحلل أنه “لا يمكن اختيار اسم بشكل عشوائي وتقديمه لمجلس الشيوخ، حيث يتم تثبيته في اليوم التالي والتصويت عليه في اليوم الثالث”، مشدداً على أن أعضاء المجلس “يتعاملون مع دورهم بجدية تامة”.
ويواجه الرئيس حاجزاً أخيراً يتمثل في سوق السندات، التي تأخذ بعين الاعتبار التوقعات بشأن معدلات الفائدة المستقبلية وتأثير كلفة الاقتراض على مختلف المستويات، بدءاً من الرهون العقارية وصولاً إلى قروض شراء السيارات.
وفي هذا السياق، قال إنغلاندر: “لا يمكن إجراء تعيين يتعارض تماماً مع الاتجاه السائد، لأن سوق السندات سترفض ذلك على الفور… إن سوق السندات تعمل كحاجز واقٍ، وهناك حدود واضحة”.
أشارت بوستيانشيتش إلى أنه حتى في حال كانت التعيينات سياسية، “سيظل هناك دائمًا عدد كبير من الحكام والرؤساء المحليين في الاحتياطي الفيدرالي الذين لم يعينهم الرئيس ترمب”.