أخبار عامةاقتصاد

هل أصبحت العقارات حجر الزاوية في تنويع الاقتصاد السعودي

برز سوق العقارات في المملكة العربية السعودية بسرعة كركيزة أساسية في سعي المملكة لتحقيق الاستدامة طويلة الأجل والنمو الاقتصادي، مما يعود بالنفع على السكان المحليين والمستثمرين الأجانب على حد سواء،

وفي إطار رؤية 2030، تعمل المملكة على إعادة تشكيل القطاع من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والإصلاحات الشاملة والمشاريع الضخمة التي لا تعمل على تعزيز البنية التحتية للبلاد فحسب، بل تخلق أيضًا فرصًا جديدة.

ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية للمبادرة في تنويع اقتصاد المملكة العربية السعودية من خلال تطوير القطاعات غير النفطية، بما يجعله أكثر مرونة في مواجهة تقلبات السوق العالمية.

ويلعب القطاع العقاري، كجزء من هذه الاستراتيجية، دوراً متزايد الأهمية في تحفيز النمو في جميع أنحاء البلاد، حيث تساعد قطاعات السياحة والترفيه والضيافة في إعادة تشكيل مشهد الإسكان والمساحات التجارية.

أقرت الحكومة السعودية سلسلة من الإصلاحات الرامية إلى تعزيز التطوير العقاري وجذب الاستثمار الخاص.

ومن أبرز هذه المبادرات إطلاق الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، التي تأسست في عام 2017 بهدف توفير السيولة لسوق الرهن العقاري وزيادة فرص الحصول على التمويل لمشتري المنازل.

قالت سالي منسى، الشريك في شركة الاستشارات الإدارية الدولية آرثر دي ليتل الشرق الأوسط: “من المتوقع أن يؤدي انفتاح المملكة على الملكية الأجنبية في العقارات، إلى جانب الحوافز للشركات الدولية، إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر”.

تنويع الاقتصاد السعودي

وقال جارفان مكارثي، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة ميرسر الاستشارية، إن هدف رؤية 2030 المتمثل في تعزيز مساهمات القطاع الخاص أدى إلى زيادة النشاط العقاري.

وأضاف أنه “تم إجراء إصلاحات في اللوائح، مثل تخفيف القيود المفروضة على الملكية الأجنبية وإدخال الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بهدف خلق مناخ استثماري أكثر جاذبية”.

ومن التطورات الأخرى إدخال ضريبة الأراضي البيضاء، التي تفرض ضريبة بنسبة 2.5 في المائة على الأراضي السكنية غير المطورة.

ويهدف هذا إلى زيادة المعروض من المساحات القابلة للتطوير وتشجيع استثمار القطاع الخاص في مشاريع الإسكان.

وعلاوة على ذلك، تعمل المبادرات الحكومية مثل Ejar، وهو تطبيق لخدمات الإيجار، على تعزيز الشفافية في سوق الإيجار وتشجيع المزيد من الاستثمارات في قطاع الإيجار.

وقد تم توجيه الاستثمارات الأخيرة بشكل كبير نحو مشاريع التنمية الحضرية، بما في ذلك البنية التحتية الحديثة مثل الطرق والمطارات وشبكات النقل العام.

وتساهم هذه الاستثمارات في رفع قيم العقارات في المناطق الحضرية والضواحي على حد سواء، وخاصة في المناطق المطورة حديثا والتي من المقرر أن تصبح مراكز اقتصادية رئيسية.

العقارات كمحفز لامتلاك المنازل

ويشكل الجهد الحكومي لرفع معدلات تملك المساكن بين المواطنين السعوديين إلى 70% بحلول عام 2030 أحد المكونات الأساسية لرؤية 2030.

وفي إطار سعيها لتحقيق هذا الهدف، أطلقت المملكة العربية السعودية العديد من المبادرات الرامية إلى توفير حلول الإسكان بأسعار معقولة وتسهيل الوصول إلى التمويل.

يهدف برنامج سكني إلى جعل تملك المنازل متاحًا للأسر السعودية من خلال تقديم الدعم المالي وتسهيل القروض ودعم الإسكان.

لقد أدت هذه المبادرة إلى تقليص العوائق أمام تملك المنازل بشكل كبير، مما أدى إلى تحفيز تطوير العقارات السكنية.

ويشهد قطاع العقارات السكنية نمواً بمعدل سنوي مركب بلغ 4.5% منذ عام 2017، مع توقعات تشير إلى أنه سيتضاعف بحلول عام 2028، ليصل إلى 51 مليار ريال سعودي (13.5 مليار دولار)، وفقاً لمنصة.

وأضاف مكارثي: “منذ تطبيق هذه الإصلاحات، شهدت ملكية المنازل في المملكة العربية السعودية زيادة كبيرة، مدفوعة بالدعم الحكومي وتنمية القطاع الخاص”.

وتجاوزت نسبة تملك المنازل 63%، مقارنة بـ47% في العام 2016، ما يعكس فعالية برنامج سكني والمبادرات الأخرى ذات الصلة.

مشاريع ضخمة تشكل مستقبل العقارات

لقد أصبحت العديد من المشاريع العقارية البارزة رمزًا للتأثير البعيد المدى لرؤية 2030. هذه المشاريع لا تعيد تشكيل المشهد الحضري في المملكة العربية السعودية فحسب، بل تعمل أيضًا على وضع المملكة كلاعب مهم في سوق العقارات العالمية.

نيوم

تقع مدينة نيوم في شمال غرب المملكة العربية السعودية، وهي أحد أكثر المشاريع طموحًا في إطار رؤية 2030. تهدف هذه المدينة الذكية التي تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات إلى أن تكون مركزًا عالميًا للتكنولوجيا والاستدامة والابتكار وتوفر فرصًا للتطوير العقاري.

ووصف منسا مشروع نيوم بأنه “جانب رئيسي من هذا التحول العقاري”، مشيرا إلى دوره في أجندة رؤية 2030 الأوسع.

وأشارت إلى أن التطوير سيدمج تقنيات المدن الذكية، مع التركيز على الصناعات مثل الطاقة والمياه والتكنولوجيا الحيوية، بالإضافة إلى الأغذية والتصنيع المتقدم والترفيه.

ومن المتوقع أن يجذب هذا النهج الاستشرافي المستثمرين العقاريين المحليين والدوليين الذين يتطلعون إلى الاستفادة من الرؤية الحضرية المبتكرة لمشروع نيوم.

القدية

القدية، مشروع رائد آخر ضمن رؤية 2030، من المقرر أن يصبح وجهة عالمية للترفيه والرياضة والفنون. يقع هذا المشروع الضخم بالقرب من الرياض، وسيضم منتزهات ترفيهية وأماكن للحفلات الموسيقية وملاعب رياضية ومؤسسات ثقافية.

ومن المتوقع أن يؤدي تركيز المشروع على الترفيه والسياحة إلى تحفيز تطوير العقارات السكنية والتجارية بشكل كبير في المناطق المحيطة.

وأضاف مكارثي أن القدية مهيأة لتحويل المنطقة إلى عاصمة ترفيهية نابضة بالحياة، تجذب ملايين الزوار سنويا، وتوفر فرصا واسعة للمستثمرين في الفنادق والمساحات التجارية والعقارات السكنية.

البحر الأحمر

يعد مشروع البحر الأحمر أحد أكثر المبادرات السياحية طموحًا في العالم، ويهدف إلى تطوير وجهة سياحية فاخرة على طول ساحل البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية. ويغطي المشروع 28 ألف كيلومتر مربع، وسيشمل 50 فندقًا و1000 عقار سكني ومجموعة من المرافق الترفيهية.

وأشارت منسا إلى أن المشروع يتضمن “تطوير العقارات على شكل فنادق بوتيك ومتاحف وأماكن ثقافية تعزز تجارب الزوار مع احترام الأهمية التاريخية والحفاظ عليها”.

ومن المتوقع أن يساهم هذا المركز السياحي الراقي في تعزيز النمو في قطاعي السكن الفاخر والضيافة، مما يساهم بشكل كبير في أسواق السياحة والعقارات في المملكة العربية السعودية.

مستقبل العقار السعودي

ومع تحرك المملكة العربية السعودية نحو التحول إلى اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة، سيستمر قطاع العقارات في لعب دور حاسم في هذا التحول.

وبحسب تقرير صادر عن مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، فإن التنوع الاقتصادي في المملكة العربية السعودية سيؤدي إلى زيادة الصناعات ذات القيمة العالية مثل التصنيع المتقدم، والأدوية، والطاقة المتجددة، وهو ما سيدفع إلى زيادة الطلب على العقارات التجارية.

وأشار منسا إلى أن حجم سوق العقارات التجارية في المملكة من المتوقع أن ينمو “بمعدل نمو سنوي مركب قوي يبلغ نحو 8.6 في المائة حتى عام 2028”.

وأضاف مكارثي: “مع تنويع المملكة العربية السعودية لاقتصادها في التصنيع المتقدم والطاقة المتجددة والأدوية، فإن العقارات التجارية ينبغي أن تستفيد من الطلب على المرافق المتخصصة”.

وعلاوة على ذلك، ومع ازدهار قطاعات مثل السياحة والترفيه وتجارة التجزئة في ظل رؤية 2030، فمن المتوقع أن يرتفع الطلب على مساحات الضيافة وتجارة التجزئة بشكل كبير.

وتساهم عملية التحول الجارية في تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية كلاعب رئيسي في قطاعي العقارات والسياحة العالميين، حيث تقع الرياض في قلب رؤيتها الطموحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى