الثقافة في اقليم كردستان: اداة لتعزيز الانتماء في منطقة صراع الهويات

علي السامرائي
مر الاكراد في العراق بتاريخ طويل من التجارب المؤلمة ومحاولات طمس او تفييب الثقافة الكردية الحقيقية والاستعاضة عنها بثقافة ضعيفة ومغككة تبتعد عن اظهار الهوبة الثقافية الحقيقية للاكراد.
ولطالما كانت الثقافة أداة فعالة في رسم هوية الشعوب وتثبيت وجودها وصياغة وعيها الجمعي، خاصة في السياقات التي تعاني فيها من التهميش أو محاولات الإذابة في الحالة الكردية.
وتتجاوز الثقافة كونها تعبيرا عن الذات، لتتحول إلى وسيلة نضال وصمود وفي هذا الإطار، برزت رؤية رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني التي سعت لتوظيف الثقافة كوسيلة لتعزيز الانتماء القومي الكردي وبناء هوية جماعية متماسكة داخل الإقليم وخارجه وبات الحفاظ على الثقافة بالنسبة للأكراد بمثابة معركة وجودية .
وعلى هذا الاساس جاءت تطلعات القيادة الكردية في إقليم كردستان العراق لإعادة الاعتبار للثقافة بوصفها عنصرا محوريا في بناء الكيان السياسي والاجتماعي الكردي.
رؤية نيجيرفان بارزاني الثقافية
ومنذ توليه مناصب قيادية في الإقليم، عبر نيجيرفان بارزاني عن قناعة راسخة بان النهضة الثقافية هي المدخل لبناء مجتمع مستقر ومتماسك ، فأكد مرارا على اهمية اللغة الكردية، وضرورة تطويرها اكاديميا وتعليميا الى جانب سعيه لدعم المؤسسات الثقافية وتمويل المشاريع المعنية بحماية التراث الكردي.
وتجلت هذه الرؤية في رعايته للمهرجانات الثقافية وتأسيس مراكز فكرية تهتم بالهوية والتاريخ الكردي بالإضافة إلى تشجيع الإنتاج الادبي والفني بلغات ولهجات كردية مختلفة بما يعزز من التنوع ضمن وحدة الهوية.
ولم يقتصر دور الثقافة في مشروع نيجيرفان بارزاني على الجانب الجمالي او التعبيري، بل تعداها ليصبح اداة سياسية لتقوية الانتماء القومي.
اقرا ايضا وزير الثقافة السعودي ونظيرته الهيلينية يرأسان الاجتماع الأول للجنة الثقافة
فقد تم توظيف الثقافة كوسيلة لبناء سردية موحدة للشعب الكردي تعزز الروح الوطنية وتعيد الاعتبار لرموز الماضي فضلا عن مساهمة التوظيف الثقافي في تخفيف التوترات الاجتماعية داخل الإقليم من خلال الاعتراف بتنوع المكونات (العربية ، التركمانية، المسيحية) والاحتفاء بثقافاتها ضمن الجو العام الكردستاني.
ادواته الثقافية
وعمل بارزاني على استخدام ادوات متعددة لترسيخ هذه الرؤية منها دعم تطوير المناهج الدراسية باللغة الكردية وتوسيع نطاق التعليم الكردي حتى في الجامعات واطلاق ودعم وسائل اعلام ناطقة بالكردية تسلط الضوء على قضايا الهوية والثقافة والتراث وتشجيع الفنانين والمخرجين الكرد لانتاج اعمال تجسد الواقع والتاريخ الكردي الى جانب استخدام الثقافة للتواصل مع العالم الخارجي من خلال معارض ومؤتمرات وتعاونات اكاديمية للتعريف بالثقافة الكردية دوليا.
الثقافة كوسيلة لبناء الانتماء السياسي
وشكلت رؤية رئيس اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني الثقافية نقطة تحول في مشروع بناء الهوية الكردية المعاصرة من خلال توظيف الثقافة كأداة سياسية ذكية عندما استطاع أن يعزز الانتماء، ويكرس الشعور القومي ويوجه الطاقات نحو البناء لا النزاع ومع ذلك فإن نجاح هذا المشروع يتطلب الموازنة بين الترويج للهوية الكردية من جهة والحفاظ على الحريات والتعددية من جهة أخرى.
وتقدم رؤية بارزاني نموذجا في منطقة معقدة مثل الشرق الاوسط حيث لا تزال مسألة الهوية محورا لصراعات سياسية مزمنة.