الأسواق العالمية تعاني من الضغوط الناجمة عن التهديدات النووية التي يطلقها بوتين
هروب جماعي للمستثمرين إلى الملاذات الآمنة... تألق الذهب والين في ظل تراجع طفيف للنفط
أثارت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول تعديل العقيدة النووية لبلاده ردود فعل سريعة في الأسواق المالية العالمية، حيث سارع المستثمرون إلى اتخاذ تدابير تحوطية من خلال اللجوء إلى الأصول الآمنة. هذه الخطوة، التي وسعت نطاق الظروف التي قد تبرر استخدام روسيا لأسلحتها النووية، أثارت مخاوف من تصعيد عسكري خطير، مما أدى إلى تقلبات حادة في الأسواق.
في هذا السياق، شهدت الأسهم العالمية انخفاضاً ملحوظاً، بينما ارتفعت أسعار الذهب والين الياباني، مع تزايد قلق المستثمرين بشأن الاستقرار الجيوسياسي، مما يعكس هشاشة الأسواق أمام التهديدات الاستراتيجية الكبرى.
أكد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن “الاتحاد الروسي يحتفظ بحق استخدام الأسلحة النووية في حال تعرضه لهجوم بأسلحة تقليدية ضد روسيا أو جمهورية بيلاروسيا، مما يشكل تهديداً خطيراً للسيادة أو السلامة الإقليمية”. كما أضاف أن أي هجوم على روسيا من دولة غير نووية، بمشاركة أو دعم من دولة نووية، سيُعتبر هجوماً مشتركاً،
زيادة الإقبال على الأصول الآمنة
شهدت الأسواق العالمية تراجعاً حاداً في الأسهم، حيث لجأ المستثمرون إلى الأصول الآمنة نتيجة تصاعد التوترات بين روسيا والولايات المتحدة بسبب النزاع في أوكرانيا. وقد أثر هذا التوتر بشكل واضح على الأسواق المالية، حيث انخفضت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية بشكل ملحوظ، وسط مخاوف متزايدة من احتمال تصعيد النزاع.
وفي هذا السياق، اتجه المستثمرون نحو التحوط من خلال الاستثمار في أصول آمنة مثل الذهب والين الياباني. كما ارتفع مؤشر تقلبات بورصة شيكاغو للأوراق المالية، المعروف بـ “مؤشر الخوف”، إلى 17.88، وهو أعلى مستوى له منذ انتخابات الولايات المتحدة في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، قبل أن يتراجع قليلاً إلى 16.61.
تراجعت العقود الآجلة المرتبطة بمؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 327 نقطة، أي بنسبة 0.7% منذ بداية العام. كما انخفضت عقود «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 31.5 نقطة، أو بنسبة 0.53%، في حين تراجعت عقود «ناسداك 100» بمقدار 111.5 نقطة، بنسبة 0.54% هذا العام.
أما في أوروبا، فقد انخفض المؤشر الرئيسي للأسهم إلى أدنى مستوى له خلال ثلاثة أشهر. حيث فقد مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي مكاسبه المبكرة، مسجلاً تراجعاً بنسبة 0.9% منذ بداية العام، ليكون بذلك اليوم الثالث من الخسائر، مع ارتفاع الطلب على الأصول الآمنة مثل الذهب والدولار الأميركي.
المعادن والعملات تحت الضغط
أدى احتمال التصعيد النووي إلى دفع المستثمرين نحو الأسواق الآمنة، مما ساهم في ارتفاع أسعار الذهب بنسبة 1%، بينما تراجعت أسعار النحاس لثلاثة أشهر في بورصة المعادن بلندن بنسبة 0.3% هذا العام، لتصل إلى 9042 دولاراً للطن المتري في التداول الرسمي.
فيما بقيت أسعار الألمنيوم مستقرة عند 2607 دولارات، انخفض سعر الرصاص بنسبة 0.4% هذا العام ليصل إلى 1983 دولاراً، نتيجة تدفق كبير للمعادن إلى مخازن البورصة في سنغافورة لليوم الثاني على التوالي. كما تراجع الزنك بنسبة 0.1% هذا العام إلى 2947.5 دولار، وانخفضت أسعار القصدير بنسبة 0.4% هذا العام إلى 28900 دولار، بينما ارتفع النيكل بنسبة 1.2% هذا العام ليصل إلى 15915 دولاراً.
في أسواق العملات، شهد الين الياباني ارتفاعًا بنسبة 0.7% هذا العام مقابل الدولار الأميركي، و0.36% مقابل اليورو. كما سجل الفرنك السويسري زيادة قدرها 0.3% هذا العام مقابل اليورو.
وفي هذا السياق، أشار أثاناسيوس فامفاكيديس، رئيس استراتيجية الفوركس العالمية في «بنك أوف أميركا»، إلى أن “هذه كانت خطوة تقليدية للتحوط من المخاطر في أسواق العملات بعد هذا الإعلان”، في إشارة إلى رد الفعل على بيان الكرملين. وأضاف: “كانت الأسواق غافلة عن المخاطر الجيوسياسية، حيث كانت تركز على قضايا أخرى. لكن الاتجاه العام نحو المخاطرة في السوق أصبح أكثر وضوحًا بعد الانتخابات الأميركية”.
النفط
على الجانب الآخر، شهدت العقود الآجلة للنفط الخام انخفاضاً طفيفاً، بعد أن ارتفعت بنحو 3 في المائة في الجلسة السابقة، وسط مخاوف من تصاعد النزاع بين أوكرانيا وروسيا.
حيث سجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط لشهر ديسمبر (كانون الأول) 68.79 دولار للبرميل، بتراجع قدره 37 سنتاً، أو 0.53 في المائة منذ بداية العام. بينما انخفضت العقود الآجلة لخام برنت لشهر يناير (كانون الثاني) إلى 73.02 دولار للبرميل، بتراجع قدره 28 سنتاً، أو 0.38 في المائة منذ بداية العام.