محمد عيتاني يكتب : “البيع على الخارطة” يفتح آفاق أوسع لنمو القطاع العقاري
يشكل القطاع العقاري أحد المرتكزات الرئيسية التي تستند عليها الاستراتيجيات الحكومية لزيادة زخم الاقتصاد الوطني وإرساء دعائم نموذج اقتصادي أكثر تنوعاً ومرونةً تماشياً مع مُستهدفات “رؤية المملكة 2030″، وسعياً لدفع مسيرة التنمية وترسيخ المكانة الرائدة للاقتصاد السعودي بوصفه الأكبر في منطقة الشرق الأوسط.
ومما لا شك فيه أن القطاع العقاري السعودي يقف اليوم أمام فرصة استثنائية لقطع أشواطٍ إضافية على درب النمو، مدعوماً بالمبادرات والمشروعات الطموحة التي تندرج ضمن الاستراتيجيات الوطنية الرامية لوضع حلولٍ نهائية للتحديات على صعيد القطاع السكني، وضمان توفير المسكن لجميع أبناء الوطن. إلا أن تحقيق الاستفادة المُثلى من هذه التوجهات الوطنية يتطلب تبني منهجيات أكثر مرونةً وأدوات أوسع نطاقاً في التسويق والمبيعات، ومن أبرزها برنامج البيع على الخارطة.
ورغم الفوائد والميزات العديدة التي يتيحها هذا البرنامج، إلا أنَّه لا يزال يشهد إقبالاً محدوداً، حيث تشير الإحصاءات والمؤشرات إلى أنَّ 67% من السعوديين لا يقبلون شراء الوحدات السكنية والمنازل الجديدة على الخارطة، ويُعزى ذلك إلى عدم التوعية بالإيجابيات والنقلة النوعية التي يحققها هذا النهج في التسويق والمبيعات للمجتمع السعودي.
ويجب التنويه بأنَّ البيع على الخارطة ليس نظاماً جديداً في المشهد العقاري، وليس حكراً على المملكة أو دول المنطقة، إذ يعتبرُ برنامجاً متعارف عليه عالمياً، ومُعتمداً في العديد من الدول منذُ مدةٍ طويلة بعد أنَّ أثبت جدواه على أرض الواقع، الأمر الذي حذا بالمُشرِّعين حول العالم لوضع الأُطر التنظيمية لضمان سلامة البيع على الخارطة من المنظور القانوني وحماية حقوق جميع الأطراف المعنية.
وعلى صعيد المملكة، تتوافر لدى السوق العقاري كافة المقومات التي تكفل له النجاح باعتماد هذا النموذج الرائج عالمياً، وفتح آفاق أوسع لنمو التطوير العقاري عموماً والسكني خصوصاً خلال قادم السنوات وفي ظل المضي قُدماً في تنفيذ مبادرات “رؤية المملكة 2030”.
وانطلاقاً من خبرتي في القطاع ومتابعتي الحثيثة لواقع المشهد العقاري بُحكم عملي مسؤولاً في إحدى شركات الاستشارات العقارية، أرجح بأنَّ السوق العقاري السعودي سيشهد دفعةً قوية تزيد وتيرة المبيعات في حال النجاح في غرس مفهوم البيع على الخارطة ضمن كافة عناصر المعادلة العقارية من مطورين ومُشترين، وحث المزيد من المؤسسات والشركات والأفراد على الإقبال على التعامل وفق هذا البرنامج ليكون العنوان الأبرز في تسويق المنتجات العقارية.
كما يمتاز البيع على الخارطة بكونه يوفر حلولاً نوعية لكلٍ من المطور العقاري والمُشتري للوحدة العقارية؛ فالمطور يستطيع تسويق منتجاته وبيعها أثناء تشييدها، الأمر الذي يؤمن له السيولة المطلوبة لاستكمال مشاريعه وتسليمها خلال الأُطُر الزمنية المحددة. أما المُشتري، فيمكنه اقتناء الوحدة العقارية بأسعار أقل بنسبة تتراوح بين 10% و20%، فضلاً عن الدفع بالتقسيط المريح.
ومن الفوائد الأخرى التي يتيحها هذا البرنامج تمكين المستفيد من إجراء أيَّة تعديلات يرغب بها على الوحدة العقارية التي يعتزم التعاقد لشرائها قبل اكتمال البناء والتشييد، الأمر الذي يمثل حلاً نوعياً يوفر الوقت والجهد والتكلفة المالية على المطور والمشتري مقارنة بما سيكون الحال عليه عند إجراء تعديلات على الوحدات السكنية الجاهزة والمُكتملة.
في هذا الإطار، تجدُر الإشادة ببرنامج “وافي” المعتمد من وزارة الإسكان والذي يتيح بيع الوحدات العقارية على الخارطة، في خطوة تعكس ثقة الوزارة بكفاءة وجدوى برنامج البيع على الخارطة، وقدرته على الإسهام بفعالية في رفع نسبة التملٌّك في المجتمع وصولاً إلى 70% بحلول عام 2030، وهو أحد أهداف “رؤية المملكة 2030”. في ضوء ما سبق ذكره، نأمل أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التوعية بأهمية البيع على الخارطة لتوسيع نطاق الاقبال على هذا البرنامج بوصفه أحد محركات نمو القطاع العقاري.